صلى الله عليه وآله وسلم ونواهيه على الأغراض النفسانية، ولا يعتقدون بكونها مطابقة للواقع والحق، وأنها أحكام يجب إطاعتها والانقياد لها.
وإذا كان هذا حال الصحابة في قبال محبة أمير المؤمنين عليه السلام التي قال بوجوبها أهل السنة، ودلت عليها الأحاديث المتكثرة والآثار النبوية المؤكدة، بل كان الإيمان بوجوب مودة أمير المؤمنين عليه السلام على حد الإيمان بوجوب مودة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما نص عليه (الدهلوي) نفسه... إذا كان هذا حالهم بالنسبة إلى هذا الأمر، وأنهم يحملون أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم به على الأغراض النفسانية والعلائق الشخصية، فلما ذا يحاول أهل السنة إثبات الفضائل والمناقب لهكذا أناس، ويقولون باستحالة وقوع الشنائع وصدور القبائح منهم؟! ولما ذا يصرون على امتناع مخالفتهم لأوامر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وللنصوص الصادرة منه...
والواقع، أن أوامر النبي صلى الله عليه وآله وسلم واجبة الامتثال، سواء كان المخاطب بها واحدا أو اثنين أو كل المسلمين، سواء صدر الأمر منه علانية أو في الخفاء، ومن أعرض عن شئ من أوامره ونواهيه ولم يمتثل فقد كفر كائنا من كان، وكيفما كان الحكم الصادر منه صلى الله عليه وآله وسلم، لأن كلماته من حيث الشرع لا يختلف حكمها باختلاف الأحوال، وهكذا كان حال الصحابة المؤمنين حقا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واعتقادهم به وبأقواله وأفعاله، وأما المنافقون الذين كانوا حوله، فكانوا يعرضون عن أحكامه وأقواله، لعدم إيمانهم القلبي، سواء كانت صادرة إليهم في ملأ من الناس أو خفية، ويحملونها على الأغراض النفسانية مطلقا.
فظهر أن الفرق الذي ذكره (الدهلوي) من أنه لو خاطب الواحد والاثنين من الصحابة لحمل كلامه على العلاقة الشخصية، وأما إذا خاطب القوم كلهم حملوه على الواقع، لا نصيب له من الواقع والحقيقة مطلقا.