لي ولي وعدوهما لي عدو، وهذا يقضي بأنهم قائلون بالصدق وقائمون بالحق، لأنه قد جعل ناصرهما - يعني الكتاب والعترة - ناصرا له عليه السلام وخاذلهما خاذلا له، ونصرته صلى الله عليه وآله وسلم واجبة وخذلانه حرام عند أهل الاسلام، فكذلك يكون حال العترة الكرام عليهم السلام، وهذا يوجب أنهم لا يتفقون على ضلال ولا يدينون بخطأ، إذ لو جاز ذلك عليهم حتى يعمهم كان نصرهم حراما وخذلانهم فرضا وهذا لا يجوز، لأن خبره فيهم عام يتناول جميع أحوالهم ولا يدل على التخصيص.
وزاده بيانا وأردفه برهانا بقوله: ووليهما لي ولي وعدوهما لي عدو، وهذا يقتضي كونهم على الصواب وأنهم ملازمون الكتاب حتى لا يحكمون بخلافه.
وفيه أجلي دلالة على أن إجماعهم حجة يجب الرجوع إليها، حيث جمع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بينهم وبين الكتاب، وفيه أوفى عبرة لمعتبر في عطب معاوية ويزيد وأتباعهم وأشياعهم من سائر النواصب، الذين جهدوا في عداوة العترة النبوية والسلالة العلوية.
ومنها - قوله: أخذ بيده ورفعها وقال: من كنت مولاه فهذا مولاه، والمولى إذا أطلق من غير قرينة فهم منه أنه المالك للتصرف، وإذا كان في الأصل يستعمل لمعان عديدة: منها المالك للتصرف، ولهذا إذا قيل: هذا مولى القوم سبق الأفهام أنه المالك المتصرف في أمورهم. ومنها: الناصر، قال تعالى: * (ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم) * ومنها: ابن العم، قال الله تعالى: * (وإني خفت الموالي من ورائي) * أراد بني العم بعدي. ومنها بمعنى المعتق والمعتق، ومنها بمعنى الأولى قال تعالى * (مأواكم النار هي مولاكم) * أي أولى بكم وبعذابكم.
وبعد، فلو لم يكن السابق إلى الأفهام من لفظة مولى السابق المالك للتصرف لكانت منسوبة إلى المعاني كلها على سواء، وحملناها عليها جميعا إلا ما يتعذر في حقه عليه السلام، من المعتق والمعتق، فيدخل في ذلك المالك للتصرف والأولى المفيد ملك التصرف على الأمة، وإذا كان أولى بالمؤمنين من أنفسهم كان