فيهم مع وفور علمه وحسن سيرته وشمائله، فسرنا الله وإياه بجميل عفوه ورحمته بعزهم وجاههم، على جدهم وعليهم أفضل الصلاة والتسليمات:
أحدهما: في مباحث الطلاق، حيث ذكر قوله صلى الله عليه وسلم: لعن الله كل ذواق مطلاق، وحرم بذلك فعله، ثم قال: وأما ما فعله الحسن رضي الله عنه فرأي منه! يعني ما فعله رضي الله تعالى عنه من كثرة الطلاق فرأي منه في مقابلة النص من غير تمسك بنص آخر، ولا جواب عن هذا فلا يقبل، فإن ما يكون بتمسك من نص أو جواب عما يرد عليه ليس هذا عنوان ذكره، فيفيد عدم قبوله قوله رضي الله عنه، مع أن الحنفية يقبلون ألف رأي كذلك عن علمائهم، ويرتكبون لأقوالهم تأويل النصوص، بل يدعون نسخها حماية لهم، ولا يأتون في آرائهم بمثل هذا القول الذي جاء به إمام من أئمتهم في رأي الحسن رضي الله تعالى عنه غير مبال لإصلاحه وطرحه محجوبا بالحديث!.
وثانيهما: في باب الغنائم حيث تكلم على قول أبي جعفر محمد بن علي الباقر رضي الله تعالى عنهما، فيما أخبر به عن جده علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه كان يرى سهم ذوي القربى، لكن لم يعطهم مخافة أن يدعى عليه بخلاف سيرة أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما، بكلام محصوله كون خبره ذلك خلاف الواقع، فيكون ذلك إما من جهله بمذهب علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أو سهوه أو نسيانه أو كذبه عليه لترويج مذهبه ومذهب الأئمة من ولده! وكل ذلك تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم، ولو كان رأيا من أبي جعفر رضي الله تعالى عنه فرده بما بدا له من الدليل لكان أهون من رد ما روى وأخبر به.
فالفجيعة كل الفجيعة على الأمة أن خلت كتب المذاهب الأربعة عن مذهب أئمة أهل البيت رضي الله تعالى عنهم أجمعين، ثم إذا وجد شئ من ذلك يعارض بمثل هذا!! ولقد سبقت منا رسالة مفردة في انتقاد الموضعين تكلمنا فيها على الثاني، واستوفينا الكلام في الجواب عن الإمام الحق رضي الله تعالى عنه، فلنكتف به ولنتكلم على الأول: