بعد الهجرة، وكانت تؤرخ (بعام الفيل) وهو العام الذي كان فيه مولد النبي (ص)، كما أرخت بيوم (ذي قار) على أنه حدث ذو بال.
ورغب سعد بن أبي وقاص إلى عمر بن الخطاب أن يؤرخ بوفاة الرسول (ص)، ولكن الإمام علي بن أبي طالب (ع) طلب التأريخ بالهجرة لأنها فرقت بين الحق والباطل. وقيل: إنه قدم المدينة وليس للعرب تأريخ، فكانوا يؤرخون بالشهر والشهرين من مقدمه. ودامت الحال على ذلك إلى أن توفي (ص) وانقطع التأريخ.
ثم ولت أيام أبي بكر كلها وأربعة أعوام من أيام عمر. قيل: إن عمر جمع الصحابة وقال لهم: إن الأموال كثرت فكيف التوصل إلى ما يمكن ضبطه. فقال له الهرمز إن ملك الأهواز الذي أسر عند فتح فارس وحمل إلى عمر وأسلم إن للعجم حسابا يسمونه (ماه روز) بمؤرخ. وجعلوه مصدرا لتأريخهم، بعد أن علمهم الهرمز إن كيف يستعملون ذلك.
فقال عمر: ضعوا للناس تأريخا. (1) وهذا صريح الدلالة على أن من ترجموا لسلمان من العرب والفرس لم يعرفوا لمولده تأريخا. ونضيف إلى ذلك قولنا: إن الاهتمام بالتأريخ مما لا نكاد نتبينه عند الفرس قبل الإسلام، فلا علم لنا بكتاب تأريخي لديهم بتمام المعنى. ونقوشهم لا تعدوا أن تكون نصوصا تمجد أعمال ملوكهم ولها طابع العام من التقارير.
ويستدل من ذلك على أن الفرس لم يلقوا جانبا من اهتمامهم إلى تعيين تواريخ الأحداث، وبالتالي كان الأولى بهم ألا يرغبوا في وضع تأريخ ميلاد لأحد من سواد الناس. وأي عجب في ذلك بعد أن نسوا أو تناسوا ذلك بالنسبة لملوكهم.