ولما أسس (أردشير) الدولة الساسانية، شاع في البلاد أن تلك الدولة ستدول وتزول بعد ألف عام من عهد (زرادشت)، ورأى (أردشير) أن يواجه هذا بطرح خمسمائة عام وعشرة تفصل بين عصره وعصر الإسكندر، وأمر بطي ذكر من عاش في تلك الفترة من ملوك.
وأعلن في مملكته أن مائتين وستين عاما تفصل بين عهده وعهد الإسكندر. ومثل هذا الخبر يؤيد ما ذهبنا إليه وذكرناه من ناحيتين.
أولهما: أن الفرس الأقدمين لم يعرفوا التاريخ، والأخرى: أنهم كانوا يلتفتون إلى الأحداث العامة التي تتعلق بشؤون ملوكهم، وهم حتى في ذلك لم يلتزموا دقة التعيين. فلا بدع بعد هذا كله أن يغيب عنا تاريخ ميلاد سلمان ويضيع منا بين الفرس والعرب على سواء.
وقالوا فيه: إنه عمرا طويلا، فمن قائل: إنه أدرك وصي عيسى بن مريم أو حتى عيسى (ع) (1)، وقائل: إنه عاش ثلاثمائة وخمسين سنة أو مائتين وخمسين سنة وهذا ما لا شك فيه. (2) ولقد أجمعت المصادر القديمة وما نقل عنها من مصادر حديثة أنه توفي عام (35 أو 36) من الهجرة في خلافة عثمان بن عفان بالمدائن.
والتاريخ الأول هو الذي قتل فيه عثمان، غير أن مصدرا قديما ظهر في القرن الثامن الهجري يحدد وفاته بسنة سبع وعشرين وهذا لا يدخل في عهد عثمان، وإن خرج على المشهور. (3) كما جاء في (أسد الغابة): وقيل توفي في خلافة عمرو الأول أكثر. (4)