المعروف لدى الفقهاء والمتكلمين ومؤرخي الفرق لم يكن في أيام علي (ع) وأن معناه في أيامه هو نفس المعنى اللغوي القديم كما ورد في الآية: (فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه) وفي الآية:
(وإن من شيعته لإبراهيم) وهو فيهما يعني الأنصار والأتباع.
ولكنه تطور بعد ذلك ردا على نظرية الخوارج الذين كفروه وجعلوا الإمامة حقا لكل أحد من الناس، فرد عليهم أنصاره وأتباعه فقدسوه ورفعوه إلى مرتبة وصيي النبي وخليفته بالنص الإلهي على حد تعبير أنصار هذا الرأي.
بهذا النحو من التضليل والتلفيق أرادوا أن يصوروا التشيع لعلي (ع) منذ مراحله الأولى وكأنه صدفة فرضته التطورات التي طرأت على سير المعارك في (صفين) بعد الانتصارات الساحقة التي حققها أمير المؤمنين علي (ع)، والتي لولا خيانة بعض القادة الذين يشكلون مع عشائرهم أكثر من نصف الجيش لوقع معاوية أسيرا بيد العراقيين وتم الفتح لعلي (ع).
ومن تتبع أحداث (صفين) ومراحلها وما انتهت إليه يخرج منها بأن المنشقين من جيش العراق بقيادة الأشعث بن قيس، وشبث بن ربعي وغيرهما كانوا على اتصال دائم مع معاوية، وابن العاص قبل أن يتحرك علي (ع) من الكوفة، وخلال مدة الهدنة في الأشهر الحرم كانوا يتصلون بمعاوية وزبانية بشكل غير مباشر، ويخططون لكل الاحتمالات التي منها رفع المصاحف عندما تصبح المعركة لغير صالحهم ولكل ما جرى بعد رفع المصاحف من محاولة الجائه إلى التراجع عن التحكيم واستئناف المعارك بعد أن دب الوهن والتخاذل في صفوف الجيش وانقسم على نفسه.