وكانت تحدو إخلاصهم لعلي أسباب أخرى إلى جانب الاعتراف له بخلافة الرسول (ص) وهو الخوف على مصيرهم من الأمويين فيما لو تم الأمر لمعاوية كما يشير إلى ذلك قيس بن سعد الأنصاري في كتابه إلى النعمان بن بشير الذي كان إلى جانب معاوية الذي يقول فيه: لو اجتمع العرب على بيعة معاوية لقاتلهم الأنصار.
ومضى يقول: لقد ناصر الأنصار عليا (ع) لأن وضعهم الطبيعي يفرض أن يكونوا معه وإلى جانبه، ولم يناصروه باعتبارهم شيعة له بقدر ما آزروه بوصفهم من الأنصار ولا يتنافى هذا مع إخلاصهم في نصرته، وحينما صالح الحسن معاوية أصر قيس بن سعد على الاستمرار في الحرب وخير جنده بين الاستمرار معه وبين أن يذهبوا إلى ما ذهب إليه الحسن بن علي (ع)، وهناك فريق آخر من أنصاره وهم طائفة القراء والزهاد وحملة القرآن، وهذه الطائفة لم تكن على المستوى المطلوب، فكانوا يجتهدون في آرائهم ويخالفونه أحيانا ويرون رأي أبي موسى الأشعري ومن كان على شاكلته، وهؤلاء حينما رفعت المصاحف كانوا أول من توقف عن القتال وبالتالي أجبروه على قبول التحكيم واختيار أبي موسى كممثل له في مقابل ابن العاص.
وكان بين أصحابه فريق آخر ممن اشتركوا في غزو المدينة لقتل عثمان، وهؤلاء كان ينقصهم الحماس الديني والعقيدة الفكرية التي تدفعهم إلى الإخلاص في نصرة علي (ع) إذ لم يكن ذلك يهمهم بقدر ما يهمهم أن لا يقتص معاوية منهم ولعل معاوية قد عرف منهم ذلك، ولذا فإنه لم يسع للاقتصاص منهم إذ أعطوه سلما وأعطاهم في مقابله أمانا.
وخلص أنصار هذه النظرية من ذلك كله إلى أن التشيع بالمعنى