فبينما جعل الخوارج الإمامة عامة كان لا بد للشيعة من مواجهة ذلك بأن جعلوها في بيت النبي (ص) وذرية علي (ع) بالنص عليه من النبي (ص)، وبينما طائفة من هؤلاء ترى الإمامة غير واجبة ولا يلزم نصب الإمام وإذا بالشيعة يجعلونها واجبة على الله، وهكذا يظهر رد فعل التشيع كعقيدة لآراء الخوارج في الإمامة، ويجب أن نعترف بأن الخوارج كمذهب عقائدي له نظرياته في الإمامة سابق في وجوده على التشيع كعقيدة، وأضاف يقول: ولا يستبعد أن يكون كثير من عقائد الشيعة قد صيغت متأثرة في ذلك بنظرية الخوارج في الإمامة على نحو عكسي لا سيما وأن كارثة انشقاق الخوارج من أكبر ما حل بأنصار علي من كوارث تبعها مصرع علي نفسه على يد واحد منهم، ثم جرأتهم البالغة في تكفير علي (ع) وهو ما لم يذهب إليه ألد أعداء علي كمعاوية، فكان لا بد وأن يقابل ذلك بتقديس علي ورفع مقامه إلى مرتبة وصي النبي وخليفته بالنص الإلهي، وانتهى في تقريب هذه النظرية إلى القول: إن الذين أرجعوا بداية التشيع إلى وفاة الرسول ينظرون إلى من تابعه وناصره: كعمار وسلمان وأبي ذر وغيرهم، والذين أرجعوه إلى زمن خلافته ينظرون إلى من ناصره وأيده في حربي (الجمل) و (صفين)، وكان هو يسمى المناصرين له في هذه المعارك (شيعتي)، كما جاء ذلك عن ابن النديم، واستطرد يقول: إن أنصار علي (ع) على كثرتهم لم تكن تجمعهم عقيدة مشتركة ولا هدف واحد، فلقد كان بعضهم من أشد المخلصين له في جميع مواقفه:
كعمار، وابن عباس، وحجر بن عدي الكندي، وغير هؤلاء من العشرات الذين رافقوا أكثر المراحل التي مر بها الرسول بعد هجرته ويقدرهم أكثر المؤرخين بألفين وثمانمائة من صحابته، بينهم سبعة وثمانون بدريا وتسعمائة ممن بايعوه (بيعة الرضوان) تحت الشجرة،