ب - حجب سميكة عرضة للزوال إذا لم تعالج حجب المعرفة فإن حجب الفكر والقلب تتراكم تدريجا، وهذه الحجب المتراكمة تعالج ما دامت لا تفسد جوهر مرآة القلب، وقد يستعان بدواء البلاء من أجل تمزيق هذه الحجب، وهذا الدواء أقوى من دواء الموعظة. إن جلاء صدأ القلب بالموعظة كجلاء المرآة بالماء، وجلاء صدأ القلب بالبلاء صقل للسيف بالنار؛ فإن كثيرا من أنواع الصدأ لا يمكن أن يعالج إلا بالنار. من هنا قال القرآن الكريم في فلسفة البلاء ومصائب الحياة: (ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون) (1). وقد قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في هذا المجال: " إذا رأيت الله سبحانه يتابع عليك البلاء فقد أيقظك " (2).
ج - حجب سميكة لن تزول إذا تراكم صدأ حجب المعرفة بنحو فسد معه جوهر مرآة القلب، فإن نار البلاء تعجز عن صقل جوهر الروح، وحينئذ يتعذر علاج المريض كما قال علي (عليه السلام):
" ومن لم ينفعه الله بالبلاء والتجارب لم ينتفع بشيء من العظة " (3)، أجل " كيف يراعي النبأة من أصمته الصيحة " (4)؟!
إن علامة مرض المعرفة الذي يتعذر علاجه هي أن المريض يمنى بتعصب شديد في عقائده الباطلة، ولا يستعد لقبول الحق أبدا، وفي وصف أمثاله قال تعالى: (وأضله الله على علم) (5).