وتصقل القلب، وتعده للإفادة من الإفاضات الغيبية والإلهامات الإلهية، ولكن ثمة شرطان أساسيان لتأثير هذا الدواء، أولهما: التدبر فإنه روي عن الإمام علي (عليه السلام) " لا خير في قراءة ليس فيها تدبر " (1). وثانيهما: الاجتناب عن حجب المعرفة ولو مؤقتا، فإذا قرأ أحد القرآن بتدبر ولم يجتنب عن الظلم، والتعصب، والاستبداد والكبر، والعجب، وشرب الخمر، فتلاوته غير شافية قال الله سبحانه: (إن الله لا يهدى القوم الظالمين) (2). (إن الله لا يهدى القوم الفاسقين) (3).
إن القرآن هدى، ولكنه هدى لمن أزال عن طريقه حجب الهدى التي هي حجب العلم والحكمة نفسها: (ذلك الكتب لا ريب فيه هدى للمتقين) (4). وإذا فقد التالي شروط التلاوة، فالقرآن لا يشفيه ولا يزيل الحجب عن قلبه بل يضيف حجابا إلى تلك الحجب، قال تعالى: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا) (5). ومثل هذا القارئ لا تشمله رحمة الحق، بل تلاحقه لعنة القرآن. قال النبي (صلى الله عليه وآله): " رب تال للقرآن والقرآن يلعنه " (6).
وهكذا سائر أدوية العلم والحكمة فلها شروطها الخاصة بها، ونرجئ الحديث عنها إلى وقت آخر.
4. أصول أدوية المعرفة إن ما ذكر في هذا الفصل بوصفه دواء للمعرفة يعود إلى عاملين: أحدهما