تأصيل أيضا على صعيد التراث الإسلامي، والذي يمثل أفكار وآراء علماء ورجال الإسلام قديما وحديثا على مختلف مذاهبهم ومشاربهم، وكل منهم يدعم فكرته ورأيه بالدليل والبرهان، وحينها تمحص الآراء وتنقح الأفكار، إذا ما التزم فيها بالموضوعية والصراحة الحقة، وبالتالي تؤدي إلى إظهار الحق واتباعه ونبذ الباطل واجتنابه - فقد وجدت نفسي شغوفا بجمع ما تيسر منها، وتحقيقها تحقيقا علميا معضدا بمصادر المتناظرين، وهذا ما سيجده القارئ الكريم وشيكا في مناظراتنا هذه التي تناولت جل عقائد الشيعة وأحكامهم.
وحيث إنه قد ثبت عند الشيعة الإمامية بالدليل القطعي - الذي لا شك فيه - وجوب التمسك بأهل البيت (عليهم السلام) ووجوب الاهتداء بهديهم والسير على طريقتهم، كما أمر بذلك النبي (صلى الله عليه وآله) إذ هم المنبع الصافي والمعين الذي لا ينضب، والامتداد الطبيعي لرسالته - لهذا أخذت الشيعة الإمامية عقائدها وأحكامها الشرعية منهم، واستمدت من فكرهم الثقافة الإسلامية، وقد انعكس ذلك في مؤلفاتهم ومقالاتهم، وظهر بشكل واضح على سلوكهم، وتناولوا بالبحث كل ما يتصل بالأصول والفروع والتفسير والأخلاق، كبحثهم في مسائل التوحيد والنبوة والإمامة وشؤونها ونحو ذلك، كما بحثوا أيضا مسائل الأحكام الشرعية، والمختلف فيها كمسألة الجمع بين الصلاتين، والسجود على التربة الحسينية، وزيارة القبور، والمتعة، وعشرات غيرها من المسائل التي أثبتوا شرعيتها بالأدلة الشرعية والعقلية.
ومن البداهة أن يرى كل من المتناظرين صحة ما يعتقده أصولا وفروعا، ولما كان الحق واحدا فلا بد حينئذ أن يكون حليفا لأحدهما دون الآخر، ومن هنا فالعقل يحكم بضرورة مقابلة ما اختلفت فيه المذاهب الإسلامية، لتنقيح