الصحيح من غيره، والتعرف على الحق واتباعه، والذي يحقق للعبد الأمن من الضرر الأخروي، ولذلك كانت المسائل الخلافية محط نظر جميع علماء المذاهب الإسلامية ومفكريهم للتعرف عليها، ومن ثم مناقشتها والمناظرة فيها، ثم الحكم عليها بعد ذلك إما بالتأييد - وإن كان على خلاف ما يراه سابقا - إذا ما اقتنع بالدليل كما تسنى ذلك لبعضهم -، وإما بالتفنيد إذا استطاع أن يقيم الدليل والبرهان على بطلانها وفسادها.
ومن هنا قلما تجد مسألة لم تقع عرضة للأخذ والرد، في ما بين المذاهب الإسلامية، وحتى في المذهب الواحد أيضا، حرصا منهم على معرفة ما هو الصحيح من الباطل، ولذا شكلت هذه المناظرات والمحاورات موسوعة علمية خصبة ينبغي الاهتمام والاعتناء بها، إذ هي غنية بالأدلة العلمية والحقائق التاريخية، التي لا يزال بعضها مجهولا عند كثير من الباحثين فضلا عن غيرهم، أضف إلى ذلك أن كثيرا منها يعد من التراث الإسلامي الذي ينبغي المحافظة عليه وإعداده في المكتبة الإسلامية.
وامتدادا لموسوعة المناظرات التي ابتدأتها بإعداد وتحقيق ما تعلق منها بالإمامة والخلافة بعنوان (مناظرات في الإمامة) فقد أعددت في هذا الكتاب المناظرات التي جرت في العقائد والأحكام الشرعية وغيرها من المسائل المهمة، التي دارت بين علماء الشيعة الإمامية وسائر علماء المذاهب الإسلامية الأخرى، كما حوت أيضا جملة من مناظرات أئمة أهل البيت - صلوات الله عليهم - القيمة والتي ينبغي النظر فيها بتأمل للاستفادة منها بالشكل المناسب ولا أدعي استيفاء كل ما صدر من المناظرات في هذا الموضوع، إذ ربما فاتني منها الكثير، غير أني آمل أن يكون عملي هذا قد شغل فراغا في المكتبة الإسلامية.