للناس علومه، فقال في جملة كلامه: أن جعفر بن محمد (الصادق (عليه السلام)) تكلم في مسائل، ما يعجبني كلامه فيها:
الأولى، يقول: إن الله سبحانه موجود، لكنه لا يرى لا في الدنيا ولا في الآخرة، وهل يكون موجود لا يرى؟ ما هذه إلا تناقض.
الثانية، إنه قال: إن الشيطان يعذب في النار مع أن الشيطان خلق من النار، فكيف يعذب الشئ بما خلق منه؟!
الثالثة، إنه يقول: إن أفعال العباد مستندة إليهم مع أن الآيات دالة على أنه تعالى فاعل كل شئ!
فلما سمعه بهلول أخذ مداة وضرب بها رأسه وشجه، وصار الدم يسيل على وجهه ولحيته، فبادر إلى الخليفة يشكو من بهلول!!
فلما أحضر بهلول وسئل عن السبب؟ قال للخليفة: إن هذا الرجل غلط جعفر بن محمد (عليهما السلام) في ثلاث مسائل:
الأولى: إن أبا حنيفة يزعم أن الأفعال كلها لا فاعل لها إلا الله، فهذه الشجة من الله تعالى، وما تقصيري؟!
الثانية: إنه يقول: كل شئ موجود لا بد أن يرى؟! فهذا الوجع في رأسه موجود، مع أنه لا يرى؟!
الثالثة: إنه مخلوق من التراب، وهذه المداة من التراب، وهو يقول: إن الجنس لا يعذب بجنسه، فكيف يتألم من هذه المداة؟
فأعجب الخليفة كلامه، وتخلص من شجة أبي حنيفة (1).