والمحارب عليا (عليه السلام) في صفين.
قال: على أنه لو كان الإمساك عن عداوة من عادى الله من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) من حفظ رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أصحابه ورعاية عهده وعقده لم نعادهم ولو ضربت رقابنا بالسيوف، ولكن محبة رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأصحابه ليست كمحبة الجهال الذين يضع أحدهم محبته لصاحبه موضع العصبية، وإنما أوجب رسول الله (صلى الله عليه وآله) محبة أصحابه لطاعتهم لله، فإذا عصوا الله وتركوا ما أوجب محبتهم، فليس عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) محاباة في ترك لزوم ما كان عليه من محبتهم، ولا تغطرس في العدول عن التمسك بموالاتهم، فلقد كان (صلى الله عليه وآله) يحب أن يعادي أعداء الله ولو كانوا عترته، كما يحب أن يوالي أولياء الله ولو كانوا أبعد الخلق نسبا منه.
والشاهد على ذلك إجماع الأمة على أن الله تعالى قد أوجب عداوة من ارتد بعد الإسلام، وعداوة من نافق وإن كان من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وإن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - هو الذي أمر بذلك ودعا إليه وذلك أنه (صلى الله عليه وآله) قد أوجب قطع يد السارق وضرب القاذف، وجلد البكر إذا زنى، وإن كان من المهاجرين أو الأنصار، ألا ترى أنه قال: لو سرقت فاطمة لقطعتها (1)، فهذه ابنته، الجارية مجرى نفسه، لم يحابها في دين الله، ولا راقبها في حدود الله، وقد جلد أصحاب الإفك (2)، ومنهم مسطح بن أثاثة، وكان من أهل بدر.
قال: وبعد، فلو كان محل أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) محل من لا يعادى إذا عصى الله سبحانه ولا يذكر بالقبيح، بل يجب أن يراقب لأجل اسم الصحبة، ويغضى عن عيوبه وذنوبه، لكان كذلك صاحب موسى المسطور ثناؤه في القرآن