إني أجد ألما يمنعني من الإطالة في الحديث، لا سيما إذا خرج مخرج الجدل ومقاومة الخصوم.
ثم أخرج من بين كتبه كراسا قرأناه في ذلك المجلس واستحسنه الحاضرون، وأنا أذكر ها هنا خلاصته.
قال: لولا أن الله تعالى أوجب معاداة أعدائه، كما أوجب موالاة أوليائه، وضيق على المسلمين تركها إذا دل العقل عليها، أو صح الخبر عنها بقوله سبحانه:
* (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم) * (1)، وبقوله تعالى: * (ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء) * (2) وبقوله سبحانه: * (لا تتولوا قوما غضب الله عليهم) * (3) ولإجماع المسلمين على أن الله تعالى فرض عداوة أعدائه، وولاية أوليائه، وعلى أن البغض في الله واجب، والحب في الله واجب - لما تعرضنا لمعاداة أحد من الناس في الدين، ولا البراءة منه، ولكانت عداوتنا للقوم تكلفا.
ولو ظننا أن الله عز وجل يعذرنا إذا قلنا: يا رب غاب أمرهم عنا، فلم يكن لخوضنا في أمر قد غاب عنا معنى، لاعتمدنا على هذا العذر، وواليناهم، ولكنا نخاف أن يقول سبحانه لنا: إن كان أمرهم قد غاب عن أبصاركم، فلم يغب عن قلوبكم وأسماعكم، قد أتتكم به الأخبار الصحيحة التي بمثلها ألزمتم أنفسكم الإقرار بالنبي - صلى الله عليه وآله - وموالاة من صدقه، ومعاداة من عصاه