* (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم، لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم) * (1) فوجه التوبيخ إليهم والتعنيف على رأيهم وأبان لرسوله (صلى الله عليه وآله) عن حالهم، فيعلم أن المشورة لهم لم تكن للفقر إلى آرائهم وإنما كانت لما ذكرناه.
فقال شيخ من القوم يعرف بالجراحي وكان حاضرا: يا سبحان الله! أترى أن أبا بكر وعمر كانا من أهل النفاق؟ كلا ما نظن أنك أيدك الله تطلق هذا، وما رأينا أن النبي (صلى الله عليه وآله) استشار ببدر غيرهما، فإن كانا هما من المنافقين فهذا ما لا نصبر عليه ولا نقوى على استماعه، وإن لم يكونا من جملة أهل النفاق فاعتمد على الوجه الأول، وهو أن النبي (صلى الله عليه وآله) أراد أن يتألفهم بالمشورة ويعلمهم كيف يصنعون في أمورهم.
فقال له الشيخ - أدام الله عزه -: ليس هذا من الحجاج أيها الشيخ في شئ وإنما هو استكبار واستعظام معدول به عن الحجة والبرهان، ولم نذكر إنسانا بعينه وإنما أتينا بمجمل من القول ففصله الشيخ وكان غنيا عن تفصيله.
فصاح الورثاني وأعلى صوته بالصياح يقول: الصحابة أجل قدرا من أن يكونوا من أهل النفاق وسيما الصديق والفاروق، وأخذ في كلام نحو هذا من كلام السوقة والعامة وأهل الشغب والفتن.
فقال الشيخ - أدام الله عزه -: دع عنك الضجيج وتخلص مما أوردته عليه من البرهان واحتل لنفسك وللقوم فقد بان الحق وزهق الباطل بأهون سعي والحمد لله (2).