كيف تصرفون عن الحق وفيكم باقية إبراهيم وسلالة إسماعيل عليهما السلام أي فكيف تعدلون عنه إلا ما لا يجدي قالوا كأنك عنيت أبا طالب قال أيها فقاموا بأجمعهم وقمت معهم فدققنا عليه بابه فخرج إلينا رجل حسن الوجه عليه إزار قد اتشح به فثاروا أي قاموا إليه فقالوا يا أبا طالب أقحط الوادي وأجدب العيال فهلم فاستسق لنا فخرج أبو طالب ومعه غلام كأنه شمس دجنة بدال مهلمة فجيم مضمومتين أي ظلمة وفي رواية كأنه شمس دجن أي ظلام تجلت عنه سحابة قتماء أي من القتام بالفتح وهو الغبار وحوله أغيلمة جمع غلام فأخذه أبو طالب فألصق ظهره بالكعبة ولاذ أي طاف بأصبعه الغلام زاد في بعض الروايات وبصبصت الأغيلمة حوله أي فتحت أعينها وما في السماء قزعة أي قطعة من سحاب فأقبل السحاب من ههنا ومن ههنا واغدودق أي كثر مطره وانفجر له الوادي وأخصب النادي والبادي وفي ذلك يقول أبو طالب من قصيدة يمدح بها النبي صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم أكثر من ثمانين بيتا * وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للأرامل * أي ملجأ وغياثا لليتامى ومانع الأرامل من الضياع والأرامل المساكين من النساء والرجال وهو بالنساء أخص وأكثر استعمالا أقول وأخذت الشيعة من هذه القصيدة القول بإسلام أبي طالب أي لأنه صنفها بعد البعثة وسيأتي الكلام في إسلامه وأما ما نقله الدميري في شرح المنهاج عن الطبراني وابن سعد أن هذه القصيدة التي منها هذا البيت من إنشاء عبد المطلب فهو وهم لما درج عليه أئمة السير أن المنشيء لها هو أبو طالب واحتمال توارد كل من أبي طالب وعبد المطلب على هذه القصيدة بعيد جدا ومما يصرح بالوهم ما يأتي عن النبي صلى الله عليه وسلم من نسبة هذا البيت لأبي طالب والله أعلم قال وعن أبي طالب قال كنت بذي المجاز أي وهو موضع على فرسخ من عرفة كان سوقا للجاهلية كما تقدم مع ابن أخي يعني النبي صلى الله عليه وسلم فأدركني العطس فشكوت إليه فقلت يا ابن أخي قد عطشت وما قلت له ذلك وأنا أرى عنده شيئا إلا الجزع
(١٩٠)