قيل لهم: لم زعمتم أنه إذا عري منه كان على ضده؟ وما أنكرتم من أن يخلو منهما، فلا يكون على أحدهما؟
فإن قالوا: إن ترك الدخول في الإسلام هو ضده، لأنه لا يصح اجتماع الترك والدخول، فمتى كان تاركا كان كافرا، لأن معه الضد.
قيل لهم: إنما يلزم ما ذكرتم، متى وجدت شريعة الإسلام، ولزم العمل بها، وعلم العبد وجوبها عليه بعد وجودها، فأما إذا لم يكن نزل به الوحي، ولا لزم المكلف منها أمر ولا نهي، فإلزامكم الكفر جهل وغي.
فإن قالوا: قد سمعناكم تقولون: إن الوحي لما نزل على النبي (صلى الله عليه وآله) بتبليغ الإسلام دعا إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) فلم يجبه عند الدعاء، وقال له: أجلني الليلة، وتعدون هذا له فضيلة، وفيه أنه قد ترك الدخول في الإسلام بعد وجوده.
قلنا: هو كذلك، لكنه قبل علمه بوجوبه، وهذه المدة التي سأل فيها الإنظار هي زمان مهلة النظر، التي أباحها الله تعالى للمستدل، ولو مات قبل اعتقاد الحق لم يكن على غلط، وهكذا رأيناكم تفسرون قول إبراهيم (عليه السلام) لما * (رأى كوكبا قال هذا ربي، فلما أفل قال لا أحب الآفلين) * (1)، إلى تمام قصته (عليه السلام).
وقوله: * (إني برئ مما تشركون * إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين) * (2)، وتقولون: إن هذا منه كان استدلالا، وهي في زمان مهلة النظر التي وقع عقيبها العلم بالحق.
فإن قالوا: فما تقولون في أمير المؤمنين (عليه السلام) قبل الإسلام؟ وهل كان على