إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) مسلم؟
فقال: لا يسعني غير ذلك.
فقلت له: أفتقول إنه يكون مسلما من لم يسلم؟
فقال: إن قلت بأنه أسلم، لزمني الإقرار بأنه قبل إسلامه لم يكن مسلما، ولكني أقول: إنه ولد مسلما مؤمنا.
فقلت: هذا كقولك إنه ولد حيا قادرا، وهو يؤديك إلى أن الله تعالى خلق فيه الإسلام والإيمان، كما خلق فيه القدرة والحياة، ويدخل بك في مذهب أهل الجبر، ويبطل عليك القول بفضيلة أمير المؤمنين (عليه السلام) في الإسلام، وما يستحق عليه من الأجر.
فاختر لنفسك: إما القول بأن إسلامه وإيمانه فعل الله سبحانه، وأنه ولد مسلما ومؤمنا، وإن ساقك إلى ما ذكرناه.
وإما القول بأن الله تعالى أوجده حيا قادرا ثم آتاه عقلا، وكلفه بعد هذا، فأطاع، وفعل ما أمر به مما يستحق جزيل الأجر على فعله، فإسلامه وإيمانه من أفعاله الواقعة بحسب قصده وإيثاره، وإن أدراك في وجوده قبل فعله إلى ما وصفناه.
فحيره هذا الكلام، ولم يجد فيه حيلة من جواب.
ومما يجب أن يكلم به في هذه المسألة أهل الخلاف، أن يقال لهم: لم زعمتم أنه لم يسلم إلا من كان كافرا؟
فإن قالوا: لأن من صح منه وقوع الإسلام فهو قبله عار منه، وإذا عري منه كان على ضده، وضده الكفر.