صفات الله عند المسلمين - حسين العايش - الصفحة ٦٦
وقوله: (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض) وقوله: (وهو القاهر فوق عباده) وكحديث إنه تعالى ينزل إلى سماء الدنيا كل ليلة، وفي رواية كل ليلة جمعة فيقول: هل من تائب فأتوب عليه، هل من مستغفر فاغفر له، وكقوله للجارية الخرساء: أين الله؟ فأشارت إلى السماء حيث سأل بأين التي للمكان ولم ينكر عليها الإشارة إلى السماء بل قال إنها مؤمنة، ومثل هذه يجاب عنها بأنها ظواهر ظنية لا تعارض الأدلة القطعية اليقينية الدالة على انتفاء المكان والجهة، فيجب تأويلها وحملها على محامل صحيحة لا تأباها الدلائل والنصوص الشرعية أما تأويلا إجماليا بلا تعيين للمراد كما هو مذهب السلف وأما تأويلا تفصيليا بتعيين محاملها وما يراد منها كما هو رأي الخلف كقولهم إن الاستواء بمعنى الاستيلاء كما في قول القائل:
قد استوى بشر على العراق * من غير سيف ودم مهراق وصعود الكلم الطيب إليه قبوله إياه ورضاه به، لأن الكلم عرض يستحيل صعوده وقوله من في السماء: أي أمره وسلطانه أو ملك من ملائكته موكل بالعذاب وعروج الملائكة والروح إليه صعودهم إلى مكان يتقرب إليه فيه وقوله:
(فوق عباده) أي بالقدرة والغلبة، فإن كل من قهر غيره وغلبه فهو فوقه أي عال عليه بالقهر والغلبة كما يقال أمر فلان فوق أمر فلان أي أنه أقدر منه وأغلب ونزوله إلى السماء محمول على لطفه ورحمته وعدم المعاملة بما يستدعيه علو رتبته وعظم شأنه على سبيل التمثيل وخص الليل لأنه مظنة الخلوة والخضوع وحضور القلب وسؤاله الجارية ب‍ (أين) استكشاف لما يظن بها اعتقاده من أينية المعبود كما يعتقده الوثنيون، فلما أشارت إلى السماء فهم أنها أرادت خالق السماء فاستبان أنها ليست وثنية وحكم بإيمانها، وقد بسط العلماء في مطولاتهم تأويل كل ما ورد من أمثال ذلك عملا بالقطعي وحملا للظني عليه فجزاهم الله عن الدين وأهله خير الجزاء.
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»
الفهرست