صفات الله عند المسلمين - حسين العايش - الصفحة ٥٢
التأويل عند المجسمة:
إن من علم العربية واستذوق استعمالات المجاز والتشبيه والكناية والاستعارة سوف لا يقع في محذور من ناحية ما ورد من الظواهر في القرآن والسنة إذا كان غير متعصب، بل حتى المتعصب قد يرجع إلى الذوق السليم في بعض الأحيان، لأن الله تعالى يظهر الحق لإحجاج المجسمة على ألسنتهم، فهناك بعض الآيات التي لا بد أن تؤول ولا يمكن حملها على الظاهر لأن ظاهرها تجسيم يعرفه البسطاء فضلا عن العلماء، ولذا اضطر ابن تيمية ومن تبعه من المجسمة أن يؤولوا قوله تعالى:
(أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض) بما يتفق مع ما يوافق العقل ولا يستلزم التجسيم لأن الله أراد أن يظهر الحق على لسان من يرى أنه ينزل من السماء كنزوله من منبره، قال: ثم من توهم أن كون الله في السماء بمعنى أن السماء تحيط به فهو كاذب إن نقله عن غيره وضال إن اعتقده في ربه ولو سئل سائر المسلمين: هل يفهمون من قول الله ورسوله (إن الله في السماء) إن السماء تحويه لبادر كل أحد منهم إلى أن يقول هذا شئ لعله لم يخطر ببالنا (1).
ولا ندري كيف نجمع بين هذا الكلام وبين إصراره وإصرار الوهابيين على أن الله في السماء بموجب الحديث القائل: (الراحمون يرحمهم الرحمن) (ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) (رواه الترمذي) وغير من الأحاديث الدالة على أن الله في السماء مثل (ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء).
وقوله (ص): (والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى يرضى عنها) رواه مسلم من حديث أبي هريرة، باب النكاح، وحديث الجارية فيه كفاية على أنهم يعتقدون أن الله في السماء (2).

(1) علاقة الاثبات والتفويض، ص 123.
(2) علاقة الاثبات والتفويض، ص 38.
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»
الفهرست