آراء المجسمة (الوهابيين) وبعض الحنابلة:
قبل البدء في بيان رأي المجسمة في الصفات لا بد لنا من وقفة قصيرة نبين للقارئ فيها مذهب أحمد بن حنبل في ذلك باعتبار آرائه مستند للمجسمة وبعض أئمة الحنابلة المتفق عليهم بين المسلمين بأنهم مشبهة، كأبي يعلى القاضي، وابن الزغواني، وأبي محمود الدستي الحنبلي، ولهم رسائل في إثبات القعود والحد لله تعالى وإثبات الرجل، إلى غير ذلك من الخزعبلات التي ذكروها (1).
إلا أنه بحسب نظرنا أن الإمام أحمد له رأيان: (الأول) صريح في التجسيم ويقيم عليه أدلة، (والرأي الثاني) اتخذه بعد نضجه العلمي في آخر حياته وفي هذا الرأي نسف فكرة التجسيم وأقام الأدلة على بطلانها.
(الرأي الأول ودليله) قال: وقد سمى الله رجلا كافرا اسمه الوليد ابن مغيرة المخزومي فقال: (ذرني ومن خلقت وحيدا) (سورة المدثر: آية 11).
وقد كان هذا الذي سماه الله وحيدا له عينان، وأذنان، ولسان، وشفتان، ويدان، ورجلان، وجوارح كثيرة، فقد سماه الله وحيدا بجميع صفاته فكذلك الله، وله المثل الأعلى وهو بجميع صفاته إله واحد (2) وفي هذا الكلام يظهر أنه يرى فكرة التجسيم لا تنافي التوحيد، فيمكن أن يكون الله واحدا وله يدان، ورجلان، وهو كالإنسان، إلا أنه له المثل الأعلى، وهكذا رد الأفكار الأخرى النافية كون الله فوق العرش أو أنه ليس في السماء، وأثبت بظواهر الآيات أن الله فوق العرش وفي السماء (3).
(وأما الرأي الثاني) فهو المعتمد عند علماء الحنابلة، فقد ذكر العلامة محمد بن