صفات الله عند المسلمين - حسين العايش - الصفحة ٦٥
وجوده بدون المتمكن لجواز الخلاء فيلزم إمكان الواجب ووجوب الممكن وكلاهما باطل ولأنه لو تحيز لكان جوهرا لاستحالة كونه عرضا ولو كان جوهرا فأما أن ينقسم، وأما أن لا ينقسم وكلاهما باطل، فإن غير المنقسم هو الجزء الذي لا يتجزء وهو أحقر الأشياء تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، والمنقسم جسم وهو مركب والتركيب ينافي الوجوب الذاتي فيكون المركب ممكنا يحتاج إلى علة مؤثرة، وقد ثبت بالبرهان القاطع أنه تعالى واجب الوجود لذاته غني عن كل ما سواه مفتقر إليه كل ما عداه سبحانه (ليس كمثله شئ وهو السميع البصير).
هذا وقد خذل الله أقواما أغواهم الشيطان وأزلهم واتبعوا أهوائهم وتمسكوا بما لا يجدي فاعتقدوا ثبوت الجهة تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا واتفقوا على أنها جهة فوق إلا أنهم افترقوا، فمنهم من اعتقد أنه جسم مماس للسطح الأعلى من العرش، وبه قال الكرامية واليهود، وهؤلاء لا نزاع في كفرهم، ومنهم من أثبت الجهة مع التنزيه وأن كونه فيها ليس ككون الأجسام وهؤلاء ضلال فساق في عقيدتهم وإطلاقهم على الله ما لم يأذن به الشارع ولا مرية أن فاسق العقيدة أقبح وأشنع من فاسق الجارحة بكثير، سيما من كان داعية أو مقتدى به.
وممن نسب إليه القول بالجهة من المتأخرين أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي من علماء القرن الثامن في ضمن أمور نسبت إليه خالف الاجماع فيها عملا برأيه وشنع عليه معاصروه بل البعض منهم كفروه ولقي من الذل والهوان ما لقي، ثم قال إن بعض تلامذته أول عباراته بما تدفع التهمة عنه وذلك هو المظنون بالرجل.
وأضاف: إن ما تمسك به المخالفون القائلون بالجهة أمور واهية لا تصلح أدلة عقلية ولا نقلية قد أبطلها العلماء بما لا مزيد عليه.
وما تمسكوا به ظواهر آيات وأحاديث موهمة كقوله: (الرحمن على العرش استوى) وقوله: (إليه يصعد الكلم الطيب) وقوله: (تعرج الملائكة والروح إليه
(٦٥)
مفاتيح البحث: الضلال (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»
الفهرست