التأويل عند أهل السنة والجماعة:
مما لا ريب فيه أن علماء الإسلام الشيعة والسنة أولوا ظاهر بعض الآيات والأحاديث الدالة على التجسيم ولم يحملوها على ظاهرها، والتأويل عند الشيعة واضح بالخصوص في الآيات القرآنية والأحاديث التي يتوهم فيها البسطاء من الناس التجسيم، كما أنه عند علماء السنة ليس بخفي على من تتبع كلماتهم في هذا الباب، إلا أن ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب وجميع الوهابيين أثاروا شبهة في ذلك، حتى تأثر بعض وأنكر أن يكون للتأويل قائل من علماء الإسلام السنة، وقد عقدنا هذا الفصل لكي نبين به بطلان دعوى هؤلاء المجسمة الذين هم أيضا يذهبون إلى التأويل ولكن إذا كان بصالح التجسيم والتشبيه.
وإليك بعض الأعلام من السنة الذين أولوا الألفاظ التي تفيد التجسيم.
أولا - أحمد بن حنبل:
ففي مناقب أحمد بن حنبل للحافظ البيهقي نقل عن أبي الفضل التميمي رئيس الحنابلة ببغداد وابن رئيسها: أنكر الإمام أحمد على من قال بالجسم، وقال: إن الأسماء مأخوذة من الشريعة واللغة، وأهل اللغة وضعوا هذا الاسم على ذي طول، وعرض، وسمك، وتركيب، وصورة، وتأليف، والله سبحانه خارج عن ذلك كله، فلم يجز أن يسمى جسما لخروجه عن معنى الجسمية ولم يجئ في الشريعة ذلك فبطل، ونقل ابن الجوزي ذلك في دفع شبع التشبه (1).
وهذا الكلام واضح أن استنادهم في إفكهم لأحمد ليس بصحيح، لأنه يصرح بعدم جواز حمل هذه الألفاظ على معانيها اللغوية لكونها تفيد الجسمية والله سبحانه وتعالى ليس بجسم.