قلت: زعمهم هذا باطل جدا فإنه ليس معنى قوله صلى الله عليه وسلم (إن عليا مني) أنه جعله من نفسه حقيقة، بل معناه هو ما قد عرفت آنفا، وأما قولهم لم يقل هذا القول في غير علي فباطل أيضا فإنه صلى الله عليه وسلم قد قال هذا القول في شأن جليبيب رضي الله تعالى عنه، ففي حديث أبي برزة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في مغزى له فأفاء الله عليه فقال لأصحابه: (هل تفقدون من أحد)؟ قالوا نعم فلانا وفلانا وفلانا الحديث وفيه قال: (لكني أفقد جليبيبا فاطلبوه) فطلب في القتلى فوجدوه إلى جنب سبعة قد قتلهم ثم قتلوه. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فوقف عليه فقال: (قتل سبعة ثم قتلوه هذا مني وأنا منه) ورواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم هذا القول في شأن الأشعريين. ففي حديث أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية فهم مني وأنا منهم).
رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم هذا القول في شأن بني ناجية، ففي حديث سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبني ناجية: أنا منهم وهم مني. رواه أحمد في مسنده وهو ولي كل مؤمن من بعدي.
استدل به الشيعة على أن عليا رضي الله عنه كان خليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير فصل، واستدلالهم به عن هذا باطل فإن مداره عن صحة زيادة لفظ بعدي وكونها صحيحة محفوظة قابلة للاحتجاج والأمر ليس كذلك، فإنها قد تفرد بها جعفر بن سليمان وهو شيعي بل هو غال في التشيع، قال في تهذيب التهذيب: قال الدوري كان جعفر إذا ذكر معاوية شتمه وإذا ذكر عليا قعد يبكي.