مفتوحة وياء تحتانية ساكنة وهي الأم التي تجمع القبيلتين، فسماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (الأنصار) فصار ذلك علما عليهم، وأطلق أيضا على أولادهم وحلفائهم ومواليهم. وخصوا بهذه المنقبة العظمى لما فازوا به دون غيرهم من القبائل من إيواء النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه والقيام بأمرهم ومواساتهم بأنفسهم وأموالهم وإيثارهم إياهم في كثير من الأمور على أنفسهم، فكان صنيعهم لذلك موجبا لمعاداتهم جميع الفرق الموجودين من عرب وعجم، والعداوة تجر البغض، ثم كان ما اختصوا به مما ذكر موجبا للحسد، والحسد يجر البغض، فلهذا جاء التحذير من بغضهم والترغيب في حبهم حتى جعل ذلك آية الإيمان والنفاق، تنويها بعظيم فضلهم، وتنبيها على كريم فعلهم، وإن كان من شاركهم في معنى ذلك مشاركا لهم في الفضل المذكور كل بقسطه. وقد ثبت في صحيح مسلم عن علي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق)، وهذا جار باطراد في أعيان الصحابة، لتحقق مشترك الإكرام، لما لهم من حسن الغناء في الدين.
قال صاحب المفهم: وأما الحروب الواقعة بينهم فإن وقع من بعضهم لبعض فذاك من غير هذه الجهة، بل الأمر الطارئ الذي اقتضى المخالفة، ولذلك لم يحكم بعضهم على بعض بالنفاق، وإنما كان حالهم في ذاك حال المجتهدين في الأحكام: للمصيب أجران وللمخطئ أجر واحد. والله أعلم.
* وكتب (أبو سمية)، العاشرة مساء:
ومن هنا نثبت كفر معاوية لبغضه للمدينة والأنصار، وكذلك كفر ابنه يزيد صاحب موقعة الحرة.. فما تقول؟!