كالخاصة تطرد ولا تنعكس، فإن أخذ من طريق المفهوم فهو مفهوم لقب لا عبرة به. سلمنا الحصر لكنه ليس حقيقيا بل ادعائيا للمبالغة، أو هو حقيقي لكنه خاص بمن أبغضهم من حيث النصرة. والجواب عن الثاني أن غايته أن لا يقع حب الأنصار إلا لمؤمن.
وليس فيه نفي الإيمان عمن لم يقع منه ذلك، بل فيه أن غير المؤمن لا يحبهم.
فإن قيل: فعلى الشق الثاني هل يكون من أبغضهم منافقا وإن صدق وأقر؟
فالجواب: أن ظاهر اللفظ يقتضيه; لكنه غير مراد، فيحمل على تقييد البغض بالجهة، فمن أبغضهم من جهة هذه الصفة - وهي كونهم نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم - أثر ذلك في تصديقه فيصح أنه منافق.
ويقرب هذا الحمل زيادة أبي نعيم في المستخرج في حديث البراء بن عازب (من أحب الأنصار فبحبي أحبهم، ومن أبغض الأنصار فببغضي أبغضهم)، ويأتي مثل هذا الحب كما سبق. وقد أخرج مسلم من حديث أبي سعيد رفعه (لا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله واليوم الآخر)، ولأحمد من حديثه (حب الأنصار إيمان وبغضهم نفاق). ويحتمل أن يقال إن اللفظ خرج على معنى التحذير فلا يراد ظاهره، ومن ثم لم يقابل الإيمان بالكفر الذي هو ضده، بل قابله بالنفاق إشارة إلى أن الترغيب والترهيب إنما خوطب به من يظهر الإيمان، أما من يظهر الكفر فلا; لأنه مرتكب ما هو أشد من ذلك.
قوله: (الأنصار) هو جمع ناصر كأصحاب وصاحب، أو جمع نصير كأشراف وشريف، واللام فيه للعهد أي: أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمراد الأوس والخزرج، وكانوا قبل ذلك يعرفون ببني قيلة، بقاف