والدر المنثور ج 4 ص 416:
(أخرج أحمد والبزار والطبراني وابن مردويه من طرق صحيحة عن ابن عباس وابن مسعود أنه كان يحك المعوذتين من المصحف ويقول: لا تخلطوا القرآن بما ليس منه إنهما ليستا من كتاب الله إنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يتعوذ بهما، وكان ابن مسعود لا يقرأ بهما.
قال البزار: لم يتابع ابن مسعود أحد من الصحابة وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ بهما في الصلاة وأثبتتا في المصحف.
والمشكلة في مخالفة ابن مسعود وعناده، أن روايات إخواننا أهل السنة المخرجة في الصحاح تجعل ابن مسعود هو الموصى عليه من قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليتصدى لتعليم الصحابة القرآن وأنه مرجعهم في العرضة الأخيرة للقرآن إذ كان هو المتفرد من بين الصحابة بتلقي العرضة الأخيرة للقرآن التي عرضها جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلى حد تعبير ابن عباس يكون ابن مسعود علم (ما نسخ وما بدل).
النتيجة:
أن من سلم بهذه الروايات المخرجة في صحيح البخاري ومسلم من خصوصيات ابن مسعود ومكانته ومرجعيته، ويقطع بعدالة ابن مسعود وأنه لا يدعي الكذب أو يتعمد خيانة الأمة، ويرى ابن مسعود مصرا مؤكدا على أن المعوذتين ليستا من القرآن وبقي على عناده إلى أن استشهد رضوان الله تعالى عليه، يلزمه أن يذهب مذهب ابن مسعود من إنكار المعوذتين أو على الأقل الظن القوي في عدم كونهما من القرآن، لأنه تفرد بعلم ما نسخ وما بدل من القرآن، فلم لا تكون مما قد نسخ؟ أو لم يعرضها عليه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لأنهما عوذتان في الأصل!