كما ذكرنا في هذا الموضوع إلا أن منزلة عائشة أم المؤمنين كانت أشد بحيث أشار رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى منزلها بأنه دار الفتنة ثلاث مرات.
ولم تؤثر طول مدة الرفقة مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في عائشة والبالغة عقدا من الزمان، إذ بقيت شديدة قاسية لا ترحم من تبغض ولا تتوانى في الدفاع عمن تحب.
وكان منطق العربي في الجاهلية كما قال الشاعر:
لا يسألون أخاهم حين يندبهم * في النائبات على ما قال برهانا فالجاهلي كان يحب ويبغض طبقا لعصبيته، ويثأر لها بكل السبل المتاحة، ولا يتوانى عن حمل السلاح وطي المسافات الطويلة في سبيل غاياته وغايات قبيلته.
طبعا كان ذلك من أعمال وصفات الرجال دون النساء إلا ما شذ وندر، ولقد فعلت أم المؤمنين عائشة ما عجزت عنه النساء في الجاهلية والإسلام.
ولما طلبوا من زبيدة زوجة هارون الرشيد الثأر لمقتل ابنها الأمين بيد المأمون كما فعلت عائشة، رفضت ذلك وصدته طاعة لله سبحانه وتعالى.
إذ قال تعالى في كتابه الشريف: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى...} (1).