الأئمة ليؤدوا رسالته عز وجل ويعصمهم ويؤتيهم العلم.
واستطردت حليمة بأنها ذهبت بعد مرور أربعين يوما إلى زيارة (ابن) أخيها فإذا بالصبي يمشي بين يديه. فتعجبت وسألت أخاها. فقال لها بأن الصبي من الأئمة كلما أتى عليه شهر كان كمن أتت عليه سنة، وأنه يتكلم في بطن أمه ويقرأ القرآن ويعبد ربه عز وجل وتعلمه الملائكة وتنزل عليه صباحا ومساء.
وكانت حليمة تزور أخاها كل أربعين يوما حتى قبل وفاته بأيام قلائل، فرأته حينئذ رجلا كاملا بالغا لم تعرفه بأنه ابن أخيها، ولكن أخاها أكد لها أنه هو ابنه الذي ولدته نرجس لا غيره وأنه الإمام من بعده لأنه ذاهب إلى ربه قريبا. وقال: فخذوا بكلامه وأطيعوا أمره.
ولم تمض سوى أيام معدودات على ذلك حتى توفي أخوها. وكانت ترى صاحب الزمان كل صباح ومساء، فيجيب على كل ما كانت تسأله، وكان يخبرها في أكثر الأحيان بما تريد السؤال عنه قبل أن تنطق.
وعند قرب وفاة الإمام الحسن العسكري أوصى لولده الذي سمي محمدا بالإمامة، فقد روى (أبو) إسماعيل (بن علي النوبختي) قال: دخلت على أبي محمد الحسن بن علي في المرض الذي مات فيه وبينما أنا عنده إذ قال لخادمه عقيد: يا عقيد أغل لي ماء بمصطكي. فأغلى له ثم جاءت به (صقيل) الجارية أم الخلف. فما صار القدح في يديه وهم بشربه، جعلت يده ترتعد حتى ضرب القدح ثنايا الحسن فتركه من يده و قال لعقيد: أدخل البيت فإنك ترى صبيا ساجدا فأتني به.
قال عقيد: فدخلت أتحرى فإذا أنا بصبي ساجد رافع سبابته نحو السماء فسلمت عليه، فأوجز في صلاته، فقلت: إن سيدي يأمرك بالخروج إليه. وجاءت أمه صقيل فأخذت بيده وأخرجته إلى أبيه الحسن. فلما مثل الصبي بين يديه سلم، وإذا هو دري اللون وفي شعر رأسه قطط منبلج الأسنان، فلما رآه الحسن بكى، وقال: يا سيد أهل بيته، اسقني الماء فإني ذاهب إلى ربي. وأخذ الصبي القدح المغلى بالمصطكي