يديه على عدوه حارا تارة، وباردا تارة، فيصيب به مقاتل قوم كانوا بالأمس القريب يعرضونه على الموت جبارين.
أقبل ذات يوم على المسجد كعادته يسمع إلى النبي فيتعلم، ويمضي لأمره فيما يأمره به فيطيع. ولكنه يرى في طريقه وجوما يغير مظهر النصر على وجوه المسلمين، ويرى في المسجد حركة كئيبة لا تلائم ما عهده في أمسه من استعداد النبي للراحة بأصحابه بعد معاركهم المتواصلة، وتفرغه لتنظيمهم وتعليمهم وإنشاء قواعد الاستقرار في (مدينتهم). فيرتاب عمار ويهم بأن يسأل، ولكن حكمة لقمان: - حكمة الصمت - تمنعه وتأمره أن يتريث حتى يساق إليه الحديث، أو تسنح له المعرفة، دون فضول، ولم يخطئ فقد كان من النبي حيث لا تكتم عليه أخفى الأسرار، فما بالك بسر انتشر حتى أظلمت له وجوه يعرفها بالنفاق؟ وشاع حتى خيم على أحياء المسلمين في المدينة كالكابوس! وها هو يعلم فور جلوسه في مكانه من الصحابة المقربين، أن اليهود من بني النضير يسعون سعيهم الخبيث لتأليب الأحزاب العربية على النبي، ويمشون بوسائلهم المجرمة كلها إلى تأليف جبهة تجمع غير المسلمين في ديار العرب، وهم الكثرة الكاثرة، وتتجه بهم إلى المسلمين القلة في (المدينة) فتضربهم الضربة القاضية.
علم أن حيي بن أخطب وسلام بن الحقيق، ونفرا من بني النضير وزعماء اليهود ألبوا قريشا، فساق أبو سفيان صخر بن