حليف مخزوم (عمار بن ياسر) - صدر الدين شرف الدين - الصفحة ٩١
أكان يعني بوعده من كنز كسرى هذه البدعة الأعجمية التي لن تغنيه من جيش أبي سفيان، ولا تمنعه شيئا؟ لقد وعدنا بكنز وها هو الكنز!. أما جواهره فليست غير جثثنا وأشلائنا. وذهبوا ماضين من هذا بلحن من القول مختلف اختلافا شديدا، ولكنه يتفق على إذاعة الرهبة والجزع في أحياء المدينة، وقد بلغوا من إذاعة هذا مبلغا أشاع من الرهبة والجزع ما لا سبيل إلى تصويره بأروع وأدق مما صوره القرآن الكريم به، إذ يقول:
(إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسف منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا، هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا، وإذ قالت طائفة يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا، ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة، وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا).
وكانت أدوات النصر القاهرة على هذه المحنة ثلاثا: خطة سلمان وسيف وعلي، وتدبير النبي، وأعظمها هذا التدبير، إذ أرسل نعيم بن مسعود - وكان يكتم إسلامه - يسعى بين قريش واليهود حتى قضى على روحهم المعنوي، وأفسد ما بينهم من تبادل الثقة والتعاون، غارسا في نفوس الأحزاب من القلق والشك والحذر ما ساعده على تفتيت قواهم، وبهذا أجهز عليهم، فولوا الأدبار في ليلة لم يحاربهم فيها غير نفوسهم والرياح!.
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»
الفهرست