حليف مخزوم (عمار بن ياسر) - صدر الدين شرف الدين - الصفحة ٨٤
وبسراياه مرات، فيزهق من أرواحها ما يزهق ويغنم من أموالها ما يغنم، ويعود إلى (مدينته) المنورة منصورا موفورا. كانت قريش تحاربه على تسفيه أحلامها في ظاهر الأمر، وهي اليوم تحاربه ثأرا لأموالها ودمائها ونفوذها في ظاهر الأمر وباطنه معا.
واليهود من جيرانه في مهجره وأصحاب الأطيان والصنائع فيه، يطلبونه بإجلاء بني قينقاع وإجلاء بني النضير عن المدينة، وهم ما هم مكانة بين اليهود، ورسوخا في أرض تلك الربوع وثرواتها. رأوا به يوم هاجر إلى بلدهم خطرا على نفوذهم، فحاولوا الفتنة، وأخذتهم كبرياء المال، وظنوا أن حظهم من المعرفة يسندهم في حربهم محمدا، وأن لهم من الرسوخ في بلدهم، والنفوذ والانتشار في ضواحيه، قوة لا يملكها محمد اللاجئ إلى بعض مواطنيهم، الفار من أهله ولما يسلم على حياته، هذا كله أغراهم بالنبي وبالمسلمين، وما كان للنبي أن يقر اعتداء يهود، أو يذعن لتحكمات متحكم، فإنه إن يقر أو يذعن حكم - إذن - على دعوته بالفشل، وكتب على نفسه الهزيمة، ولم يكن له - إذن من القوة المعنوية نصيب يثبت أقدام أصحابه في ميدان. لذلك أنذر بني قينقاع أولا، وأنذر بني النضير بعد ذلك، وكان من نتائج استخفاف هؤلاء وأولئك إجلاؤهم جميعا أذلاء صاغرين عن (المدينة) لا ينقلون منها غير سلامة أبدانهم، وقليلا من متاع لا يزيد على زاد الطريق من (المدينة) إلى (خيبر) من الحجاز، أو إلى (أذرعات) من الشام.
(٨٤)
مفاتيح البحث: خيبر (1)، الشام (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»
الفهرست