حليف مخزوم (عمار بن ياسر) - صدر الدين شرف الدين - الصفحة ٨٥
وهذه (غطفان) و (هذيل) وغيرهما من قبائل الحجاز القريبة، وقبائل نجد وحدود سورية البعيدة، تطلبه بثارات فوضاها التي يرعبها شبح نظامه، وتنقم عليه وضعه العمل والكسب موردا للعيش موضع الغزو والسلب، فتكشر له عن أنياب أغوال، وترهف له مخالب ذئاب.
قريش من عشيرته في مسقط رأسه، واليهود من جيرانه في مهجره، وغطفان وهذيل وغيرهما من قبائل الحجاز القريبة، وقبائل نجد وحدود سورية البعيدة. دنيا العرب كلها تألبت عليه. عظم أمر الإسلام ولكن نما عدوه نموا هائلا عظيما، يضاف إلى هذا أن النبي ممتحن في بيته الإسلامي بمنافقين يكاد يكون نفاقهم عورة تشف من صفوفه عن نقاط الضعف، وتدل على هنوات حصونه وثغوره. آيات نبوة محمد كثيرة، ولا شئ أدل منها على المعجزة من اطمئنانه إلى النصر في هذا العالم المهتاج المتزاحف نحوه من جهاته كالنار تشب مجنونة في دائرة عظيمة، ويمشي بعضها إلى بعض، ثم تلتقي مطبقة إطباقها الرهيب على النقطة.
ولو كشف الغطاء لرأيت عمارا ذلك الأسمر الطويل العريض الأصلع الصامت يلزم النبي كظله، يبين مكانه منه خلال الأحداث الكبرى هذه التي أعزت الإسلام في خمس سنوات، وأنمت عدد عوده في الجزيرة، فابن سمية الذي ذاق الموت حارا وذاقه باردا، ولم يبال به باردا كما لم يبال به حارا يذوقه الموت خلال هذه المعارك فيباليه ويأبه له ويحالفه وينصب من
(٨٥)
مفاتيح البحث: البول (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»
الفهرست