حليف مخزوم (عمار بن ياسر) - صدر الدين شرف الدين - الصفحة ٢٥
الحياة عبوسا، ويردوا رخاء العيش شدة، فهؤلاء سفهاء من أمية وجمح وسهم وعدي لا تكفيهم أفياؤهم ومرابحهم، ولا تسد شهواتهم القيان ومن استزلهن الشيطان من نساء الحاضرة، حتى يسطوا بتجارة الغرباء، ويغلبوا الزائرين على بناتهم، فيبلغوا حاجتهم من الأموال والأعراض بغزو أبشع من غزو البادية، وأشنع وأشد استهتارا.
قال لأبيه مرة: ويح هؤلاء السفهاء ألا يتقون شر هذه البدع المنكرة في قدس بلدهم الذي به يحيون، إن لم يتقوها في زكاة أنفسهم، وتقوى ضمائرهم؟ ألا ينظرون إذا تسامع بشأنهم الناس من حجاج (البيت) ومصرفي التجارة، أن يخلعوهم من (البيت) ويزيلوهم من الحكم؟ أو يقاطعوهم إذا لم يستطيعوا إلى خلعهم وإزالتهم سبيلا، فيميتوهم فقرا ومذلة وهوانا؟ ما رأيت طيشا كطيش هؤلاء السفهاء! ولا يرى طيش كطيشهم يفسد على صاحبه آلة العيش بله عفة النفس وراحة الضمير!
فقال له ياسر: أراك منذ اليوم تكبر على سنك، وتسمو فوق شأنك، أتسوق إلي هذا الحديث من نفسك؟ أم ألقى به إليك ملق أراد بك شرا؟.
قال عمار: لم يلق إلي بهذا الحديث إلا عيني المبصرة، وأذني السامعة نقلتاه إلى نفسي، ثم لم تنقله نفسي إلى أحد قبلك، ولم تنقله إليك إلا هذه الساعة، وإن كنت لأعلم أن نفرا من الصعاليك أمثالي ليئنون أنيني، ويشكون شكواي،
(٢٥)
مفاتيح البحث: الشهوة، الإشتهاء (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 ... » »»
الفهرست