القلب، وصحة العقل وملاحة الوجه، وعفة النفس وطهارة الذيل.
وأما أبوه، فياسر بن عامر، عربي عنسي مذحجي قحطاني يماني، أقبل من اليمن مع أخويه: مالك والحارث، يلتمسون أخا رابعا لهم كان قذف به قدر من أقدار الحياة الكثيرة المصطلحة يومذاك على اليمن تفرق أهلها، وتبعثرهم هنا وهناك، وتنفرهم من وطنهم الذي ألح عليه الجفاف، وابتلاه فساد الحكم بالقحط والمحل والبطالة ونضوب العيش، فيهاجرون منه أفرادا ويهاجرون منه جماعات بحثا عن الرزق، وتنقيبا عن العمل.
وكانت مكة مهجرا تترى إليه الوفود اليمانية منذ تفرقوا على أيدي سبأ. أمتها جرهم الثانية وأمتها خزاعة، وحكمتاها واحدة بعد الأخرى غالبتين على حكمها أهلها من بني إسماعيل، حتى استعادها (قصي) بن كلاب (400 م)، واستأنفها مضرية. وأم غير جرهم وخزاعة غير مكة من الحجاز فعمرت يثرب بالأوس والخزرج، وأم غير هؤلاء وأولئك غير الحجاز من العراق والشام واليمامة ونجد والعروض منتشرين كالجراد يملأون فراغ الجزيرة العظيمة، ويزودون هلالها الخصيب بما حملوه من كثافة، وما نقلوه من ثقافة وأوضاع.
وكانت مكة تمتاز على جميع هذه المهاجر بأنها دار أمن لا يأتيه الخوف من بين يديه ولا من خلفه، وبأنها دار رخاء لا