قوى مركزه، وأطمعه بإمكان تحقيق الخرافة من ترشيح نفسه للخلافة وهو على ذلك رابط الجأش، متوازن الخطى، مطمئن النفس، لا يهوله ما يقرأه في مقدمات المعركة من نتائج فاسدة، ولا يتعاظمه ما يراه من هبوب الزمن في وجهه هبوبا منكرا فظيعا، بل يقبل على أمره بأناته وإمهاله خصمه حتى يتبين العذر واضحا في قتاله، وحتى تكون تبعة القتال الناشب في عنق (القاسطين) الظالمين، كما كانت في عنق (الناكثين) الطامعين، وكما ستكون من بعد في عنق (المارقين) الخارجين.
واستشار أصحابه بعد كتب ترددت بينه وبين معاوية، فأشاروا عليه بالانتظار عامه ذاك في الكوفة، إلا عمارا والأشتر وعدي بن حاتم الطائي الكريم المشهور، وشريح بن هانئ.
قال عمار: (يا أمير المؤمنين. إنما بايعناك ولا نرى أحدا يقاتلك فقاتلك من بايعك، وأعطاك الله فيهم ما وعد في قوله عز وجل: (ومن بغي عليه لينصرنه الله) وقوله: (ومن نكث فإنما ينكث على نفسه) وقد كانت الكوفة لنا والبصرة علينا.
فأصبحنا على ما نحب بين ماض مأجور وراجع معذور، وإن بالشام الداء العضال رجلا لا يسلمها أبدا إلا مقتولا مغلوبا، فعاجله قبل أن يعاجلك، وانبذ إليه قبل الحرب).
وتكلم الأشتر ومن على هذا الرأي بمثل ما تكلم عمار، ثم بلغ عليا أن معاوية جهز جيشه للقتال فتجهز بتسعين ومئة ألف