حليف مخزوم (عمار بن ياسر) - صدر الدين شرف الدين - الصفحة ٢٣٠
ووجهات نظر صائبة هي جزء من منهج علي في المحافظة على سلامة المعارضة في الدولة، وحفظ مصلحة الإسلام العليا بسماحة لا تضيق على الناس ولا تحرجهم.
ولكن هذه النظرة الواقعية الحكيمة التاث أمرها على الناس، والتبس في أفهامهم، وأحدث من إباحة دماء أصحاب الجمل وحرمة أموالهم ونسائهم مشكلة فقهية لم يدروا ما حلها، ويسمع عمار لغطا يدور على الألسنة في هذا الموضوع، أما هو فيعرف الحل في أغلب الظن، وقد سمعنا آنفا من فقهه في حديثه مع محمد بن مسلمة الأنصاري ما لا يترك مجالا للشك في اتهام معرفته، ولكنه أراد أن يكون علي هو الذي يحل هذه المشكلة فقال له: يا أمير المؤمنين، مر بقتل هؤلاء الأسرى من أعوان الجمل. فقال له أمير المؤمنين:
أنا لا أقتل أهل القبلة، وعمار يعرف الفرق - كما علمت - بين (المسلم) الهاضم لمبادئ الإسلام، وبين المصلي القلقة في صلاته هذه المبادئ، وربما لم يكن حتى تلك اللحظة ممن يعطفون على المصلين القلقين، إلا أنه اكتفى لنفسه بما سمع في فقه لا شك بصوابه، واكتفى لغيره بإعلان الحل من مصدره الذي يجب أن ينتهي إليه، ولكن قوما حظهم من المعرفة أقل من حظ عمار لم يكتفوا بالفتيا، فشرح علي لهم حكمتها ولكن عسر عليهم هضمها، ولم تسهل عليهم متابعة تحليله في الجواب، فلجأ إلى مجاراتهم ليجعل من الواقع المحسوس وسيلة جواب مقنع. قال لهم: اقترعوا. هاتوا
(٢٣٠)
مفاتيح البحث: محمد بن مسلمة (1)، الظنّ (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 ... » »»
الفهرست