حليف مخزوم (عمار بن ياسر) - صدر الدين شرف الدين - الصفحة ١٦٩
حتمية حيث وقعت من نفوس الناس لا فرق في التأثر بها بين الخاصة من أصحاب الشورى وأمثالهم، وبين العامة من المتطلعين حزبيين أو محايدين.
ولا ريب في أنه عني بصياغة آرائه هذه عناية فائقة، وصبها في قالب من الدقة والمرونة جد بارع، فألفها من تيارات عاكس بينها لتنسجم له نتائجها، وخالف بين مواقع مسها لتتوافق على خطته ردودها.
أنظر، إنك تلاحظ أنه دعا الستة ليكلمهم قبل أن يصمم نظام الشورى، وتلاحظ أنه إنما أراد أن ينشئ من كلامه هذا قاعدة يرفع فوقها نظامه، وتلاحظ بعد ذلك أن كلامه يمتاز بخاصتين تظهران على الخصائص المنوعة في نقده هذا، وهما اصطناع السخرية في جانب واتخاذ الأسلوب الموضوعي في جانب ولا تصدق من يدعي لك أن اجتماع هاتين الخاصتين يأتي (عفوا) أو يستقيم بلا قصد، وصدق - إذا سمحت - أن الذي جمعها لأبي حفص هنا إنما هو الفن السياسي لا الفن البياني، وأنه إنما جمعها ليرسل منها رسلا إلى قلوب الناس وصدورهم، بعضها يكلم الخاصة، وبعضها يكلم العامة، وكلها تبلغ البلاغة الذي يورط ولا يتورط.
أراد بالسخرية أشياء كثيرة، أراد أن ينفس عن غيظه، ويثأر من جراءة من اجترأ عليه وهو يحتضر، ولكن هذا الدافع الذاتي ليس بذي خطر إذا قيس بغيره من الدوافع السياسية
(١٦٩)
مفاتيح البحث: العفو (1)، الصدق (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»
الفهرست