قبل أن يغضب على بعض هؤلاء الستة، وأنه مات وهو ساخط على بعضهم سخطا لم يدفن معه في قبره الشريف، بل بقي بعده حيا لا ينكر الناس من أمره شيئا.
عجب الناس عجبا طويلا وهم يستعرضون هذه الأمور التي تشبه المتناقضات، إن لم تكن منها، ولكن أحدا لم يقل: إن الخليفة غلب عليه الوجع، لأنهم كانوا يرون أن له خطة منها أو من مقدماتها هذه الأمور العجاب، فهم ماضون يتتبعون مراحلها، ولا يملكون مخالفتها، لأنهم أحزاب وشيع، كل حزب يمني نفسه منها بفوز وظفر.
والناس أثناء عجبهم الطويل هذا، وانتهائهم من العجب إلى تشوف الخطة، يروحون إليه يسألونه أن يستخلف عليهم حسما للنزاع، وقطعا لدابر الخلاف، فيقول لهم آخر الأمر:
(قد كنت أجمعت بعد مقالتي أن أولي أمركم رجلا هو أحراكم أن يحملكم على الحق) ويذكر عليا، ولكنه يرى طيفا - كما قال - يمنعه من تحمل الأمر حيا وميتا، فيعدل عن استخلافه عليا ويشيعها في ستة من قريش مات النبي وهو راض عنهم - كما قال - وهم: علي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وعثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبد الله، ثم يأمر الناس أن يدعوا إليه هؤلاء الستة، ودخل عليه الستة وهو يجود بنفسه، فقال لهم: (أكلكم يطمع بالخلافة بعدي؟) فلم يجدوا في الجواب على هذا السؤال أرق من الوجوم فوجموا، ولكنه يكرر السؤال، فيجم