وجوده، بل نصب لهم الدلائل وأوضح لهم العلل وأزاح عنهم الموانع لتعلو حجته، وتتضح حجيته، فليحيى من حي عن بينة ويهلك من هلك عن بينة وتكون لله الحجة البالغة، وكله عن اختيار بغير جبر واضطرار، إذ لا جبر في الوجود لا بحسب الفاعل ولا القابل ولا المفعول، وإلا رجع إليه تعالى الله.
نعم قد يظن ظاهرا في نسبة المفاعيل لبعض، ولسنا بصدده هنا، ومن المتضح أن الشئ كلما كان أظهر تكون أدلته كذلك، لشدة الحاجة إليه وعموم البلوى، فيجب في أدلته ذلك لذلك، كما هو متضح الحجة والمنار ساطع البرهان.
ولا شك أن محل الدلالة والاستدلال الذي دل عباده عليه وندبهم إليه كتابه التكويني، وكتابه القرآن والسنة النبوية، والميزان المقتبس منهم والمسترشد برشدهم، وما بعد ذلك إلا سبيل الضلال، وما بعد الحق إلا الباطل.
ويجب في هذه الأدلة التطابق (1) عما منها صدرت من الواحد الحق الذي لا اختلاف فيه " ولكل حق حقيقة " (2) ويكون لها تنوع ظهوري في هذه الكتب وكتاب الله التدويني، أو قوله (عليه السلام) التشريعي طبق التكويني، وتفاصيله في الأقوال والأفعال، والتكويني بجميع أنواعه جمع في الإنسان، والله أرانا آياته ومحكم بيناته في الآفاق والأنفس ليتضح لنا الحق، ونعرفه بيانا كما قال الله تعالى (3) وطابقه الوجدان وساطع البرهان، فمتى قام الدليل للحكم بطريق منها ثبتت ووجب في الباقي وإن لم يظهر للناظر تقصيرا أو قصورا، [ونقول] في المسألة