الثالث: القياس أنها لا تزاد في ثاني مفعولي ظن، ولا ثالث مفعولات أعلم، لأنهما في الأصل خبر، وشذت قراءة بعضهم (ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء) ببناء نتخذ للمفعول، وحملها ابن مالك على شذوذ زيادة من في الحال (1)، ويظهر لي فساده في المعنى، لأنك إذا قلت " ما كان لك أن تتخذ زيدا في حالة كونه خاذلا لك " فأنت مثبت لخذلانه ناه عن اتخاذه، وعلى هذا فيلزم أن الملائكة أثبتوا لأنفسهم الولاية.
الرابع: أكثرهم أهمل هذا الشرط الثالث، فيلزمهم زيادتها في الخبر، في نحو " ما زيد قائما " والتمييز في نحو " ما طاب زيد نفسا " والحال في نحو " ما جاء أحد راكبا " وهم لا يجيزون ذلك.
وأما قول أبى البقاء في (ما ننسخ من آية): إنه يجوز كون (آية) حالا ومن زائدة كما جاءت آية حالا في (هذه ناقة الله لكم آية) والمعنى أي شئ ننسخ قليلا أو كثيرا، ففيه تخريج التنزيل على شئ إن ثبت فهو شاذ، أعنى زيادة من في الحال، وتقدير ما ليس بمشتق ومنتقل ولا يظهر فيه معنى الحال حالا، والتنظير بما لا يناسب، فإن (آية) في (هذه ناقة الله لكم آية) بمعنى علامة لا واحدة الآي، وتفسير اللفظ بما لا يحتمله، وهو قوله قليلا أو كثيرا، وإنما ذلك مستفاد من اسم الشرط لعمومه لا من آية.
ولم يشترط الأخفش واحدا من الشرطين الأولين، واستدل بنحو (ولقد جاءك من نبأ المرسلين) (يغفر لكم من ذنوبكم) (يحلون فيها من أساور من ذهب) (نكفر عنكم من سيئاتكم).