(فيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون) وإذا رأوه ثم جاءهم لم يكن مجيئه لهم بغتة وهم لا يشعرون، ويحتمل أن تحمل الرؤية على حقيقتها، وذلك على أن يكونوا يرونه فلا يظنونه عذابا مثل (وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم) أو يعتقدونه عذابا، ولا يظنونه واقعا بهم، وعليهما فيكون أخذه لهم بغتة بعد رؤيته، ومن ذلك (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت) أي إذا قارب حضوره (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن) لان بلوغ الاجل انقضاء العدة، وإنما الامساك قبله.
وأنكر ابن الحاج في نقده على المقرب مجئ لو للتعليق في المستقبل، قال:
ولهذا لا تقول (لو يقوم زيد فعمرو منطلق) كما تقول ذلك مع إن.
وكذلك أنكره بدر الدين بن مالك، وزعم أن إنكار ذلك قول أكثر المحققين، قال: وغاية ما في أدلة من أثبت ذلك أن ما جعل شرطا للو مستقبل في نفسه، أو مقيد بمستقبل، وذلك لا ينافي امتناعه فيما مضى لامتناع غيره، ولا يحوج إلى إخراج (لو) عما عهد فيها من المضي، اه.
وفى كلامه نظر في مواضع:
أحدها: نقله عن أكثر المحققين، فإنا لا نعرف من كلامهم إنكار ذلك، بل كثير منهم ساكت عنه، وجماعة منهم من أثبتوه.
والثاني: أن قوله (وذلك لا ينافي - إلى آخره) مقتضاه أن الشرط يمتنع لامتناع الجواب، والذي قرره هو وغيره من مثبتي الامتناع فيهما أن الجواب هو الممتنع لامتناع الشرط، ولم نر أحدا صرح بخلاف ذلك، إلا ابن الحاجب وابن الخباز.
فأما ابن الحاجب فإنه قال في أماليه: ظاهر كلامهم أن الجواب امتنع