الموضع الثاني: قوله تعالى (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا) فقيل: إن لا نافية، وقيل: ناهية، وقيل: زائدة، والجميع محتمل.
وحاصل القول في الآية أن (ما) خبرية بمعنى الذي منصوبة بأتل، و (حرم ربكم) صلة، و (عليكم) متعلقة بحرم، هذا هو الظاهر، وأجاز الزجاج كون (ما) استفهامية منصوبة بحرم، والجملة محكية بأتل، لأنه بمعنى أقول، ويجوز أن يعلق عليكم بأتل، ومن رجح إعمال أول المتنازعين - وهم الكوفيون - رجحه على تعلقه بحرم، وفى أن وما بعدها أوجه:
أحدها: أن يكونا في موضع نصب بدلا من (ما)، وذلك على أنها موصولة لا استفهامية، إذ لم يقترن البدل بهمزة الاستفهام.
الثاني: أن يكونا في موضع رفع خبرا لهو محذوفا.
أجازهما بعض المعربين، وعليهما فلا زائدة، قاله ابن الشجري، والصواب أنها نافية على الأول، وزائدة على الثاني.
والثالث: أن يكون الأصل أبين لكم ذلك لئلا تشركوا، وذلك لانهم إذا حرم عليهم رؤساؤهم ما أحله الله سبحانه وتعالى فأطاعوهم أشركوا، لانهم جعلوا غير الله بمنزلته.
والرابع: أن الأصل أوصيكم بأن لا تشركوا، بدليل أن (وبالوالدين إحسانا) معناه وأوصيكم بالوالدين، وأن في آخر الآية (ذلكم وصاكم به).
وعلى هذين الوجهين فحذفت الجملة وحرف الجر.
والخامس: أن التقدير أتل عليكم أن لا تشركوا، فحذف مدلولا عليه بما تقدم، وأجاز هذه الأوجه الثلاثة الزجاج.
والسادس: أن الكلام تم عند (حرم ربكم) ثم ابتدئ: عليكم أن لا تشركوا، وأن تحسنوا بالوالدين إحسانا، وأن لا تقتلوا، ولا تقربوا، فعليكم