ولا ينتصب الفعل بعد (حتى) إلا إذا كان مستقبلا، ثم إن كان استقباله بالنظر إلى زمن التكلم فالنصب واجب، نحو (لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى) وإن كان بالنسبة إلى ما قبلها خاصة فالوجهان، نحو (وزلزلوا حتى يقول الرسول) الآية، فإن قولهم إنما هو مستقبل بالنظر إلى الزلزال، لا بالنظر إلى زمن قص ذلك علينا.
وكذلك لا يرتفع الفعل بعد (حتى) إلا إذا كان حالا، ثم إن كانت حاليته بالنسبة إلى زمن التكلم فالرفع واجب، كقولك (سرت حتى أدخلها) إذا قلت ذلك وأنت في حالة الدخول، وإن كانت حاليته ليست حقيقية - بل كانت محكية - رفع، وجاز نصبه إذا لم تقدر الحكاية نحو (وزلزلوا حتى يقول الرسول) قراءة نافع بالرفع بتقدير حتى حالتهم حينئذ أن الرسول والذين آمنوا معه يقولون كذا وكذا.
واعلم أنه لا يرتفع الفعل بعد حتى إلا بثلاثة شروط: أحدها أن يكون حالا أو مؤولا بالحال كما مثلنا، والثاني أن يكون مسببا عما قبلها. فلا يجوز (سرت حتى تطلع الشمس) ولا (ما سرت حتى أدخلها، وهل سرت حتى تدخلها) أما الأول فلان طلوع الشمس لا يتسبب عن السير، وأما الثاني فلان الدخول لا يتسبب عن عدم السير، وأما الثالث فلان السبب لم يتحقق وجوده، ويجوز (أيهم سار حتى يدخلها) و (متى سرت حتى تدخلها) لان السير محقق، وإنما الشك في عين الفاعل وفى عين الزمان، وأجاز الأخفش الرفع بعد النفي على أن يكون أصل الكلام إيجابا ثم أدخلت أداة النفي على الكلام بأسره، لا على ما قبل حتى خاصة، ولو عرضت هذه المسألة بهذا المعنى على سيبويه لم يمنع الرفع فيها، وإنما منعه إذا كان النفي مسلطا على السبب خاصة، وكل أحد يمنع ذلك، والثالث أن يكون فضلة، فلا يصح في نحو (سيرى حتى أدخلها) لئلا يبقى المبتدأ بلا خبر،