ووجه ذلك - على ما اخترناه - أنه لم يستعمل كفى [هنا] بمعنى اكتف.
ولا تزاد الباء في فاعل كفى التي بمعنى أجزأ وأغنى، ولا التي بمعنى وقى، والأولى متعدية لواحد كقوله:
152 - قليل منك يكفيني، ولكن * قليلك لا يقال له قليل [ص 675] والثانية متعدية لاثنين كقوله تعالى: (وكفى الله المؤمنين القتال) (فسيكفيكهم الله) ووقع في شعر المتنبي زيادة الباء في فاعل كفى المتعدية لواحد، قال:
153 - كفى ثعلا فخرا بأنك منهم * ودهر لان أمسيت من أهله أهل ولم أر من انتقد عليه ذلك، فهذا إما لسهو عن شرط الزيادة، أو لجعلهم هذه الزيادة من قبيل الضرورة كما سيأتي، أو لتقدير الفاعل غير مجرور بالباء، وثعل: رهط الممدوح وهم بطن من طيئ، وصرفه للضرورة إذ فيه العدل والعلمية كعمر، ودهر:
مرفوع عند ابن جنى بتقدير: وليفخر دهر، وأهل: صفة له بمعنى مستحق، واللام متعلقة بأهل، وجوز ابن الشجري في دهر ثلاثة أوجه، أحدها أن يكون مبتدأ حذف خبره، أي يفتخر بك، وصح الابتداء بالنكرة لأنه قد وصف بأهل، والثاني كونه معطوفا على فاعل كفى، أي أنهم فخروا بكونه منهم وفخروا بزمانه لنضارة أيامه).
وهذا وجه لا حذف فيه، والثالث أن تجره بعد أن ترفع فخرا، على تقدير كونه فاعل كفى والباء متعلقة بفخر، لا زائدة، وحينئذ تجر الدهر بالعطف، وتقدر أهلا خبرا لهو محذوفا، وزعم المعرى أن الصواب نصب دهر بالعطف على ثعلا، أي وكفى دهرا هو أهل لان أمسيت من أهله أنه أهل لكونك من أهله، ولا يخفى ما فيه من التعسف وشرحه أنه عطف على المفعول المتقدم، وهو ثعلا، والفاعل المتأخر وهو (أنك منهم) منصوبا ومرفوعا وهما دهرا وأن ومعمولاها وما تعلق بخبرها، ثم حذف المرفوع