فإما أن يكون هذا وضعا، وإما أن يكون على النسب لأن الكيل والوزن سواء في معرفة المقادير. ويقال: كل هذه الدراهم، يريدون زن.
وقال مرة: كل ما وزن فقد كيل.
وهما يتكايلان أي يتعارضان بالشتم أو الوتر، قالت امرأة من طئ:
فيقتل خيرا بامرئ لم يكن له نواء، ولكن لا تكايل بالدم قال أبو رياش: معناه لا يجوز لك أن تقتل إلا ثأرك ولا تعتبر فيه المساواة في الفضل إذا لم يكن غيره. وكايل الرجل صاحبه: قال له مثل ما يقول أو فعل كفعله. وكايلته وتكايلنا إذا كال لك وكلت له فهو مكائل، بالهمز. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أنه نهى عن المكايلة وهي المقايسة بالقول والفعل، والمراد المكافأة بالسوء وترك الإغضاء والاحتمال أي تقول له وتفعل معه مثل ما يقول لك ويفعل معك، وهي مفاعلة من الكيل، وقيل: أراد بها المقايسة في الدين وترك العمل بالأثر. وكال الزند يكيل كيلا: مثل كبا ولم يخرج نارا فشبه مؤخر الصفوف (* قوله فشبه مؤخر الصفوف إلى قوله من كان فيه هكذا في الأصل هنا، وقد ذكره ابن الأثير عقب حديث دجانة، ونقله المؤلف عنه فيما يأتي عقب ذلك الحديث ولا مناسبة له هنا فالاقتصار على ما يأتي أحق) في الحرب به لأنه لا يقاتل من كان فيه.
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: المكيال مكيال أهل المدينة والميزان ميزان أهل مكة، قال أبو عبيدة: يقال إن هذا الحديث أصل لكل شئ من الكيل والوزن، وإنما يأتم الناس فيهما بأهل مكة وأهل المدينة، وإن تغير ذلك في سائر الأمصار، ألا ترى أن أصل التمر بالمدينة كيل وهو يوزن في كثير من الأمصار، وأن السمن عندهم وزن وهو كيل في كثير من الأمصار؟ والذي يعرف به أصل الكيل والوزن أن كل ما لزمه اسم المختوم والقفيز والمكوك والمد والصاع فهو كيل، وكل ما لزمه اسم الأرطال والأواقي والأمناء فهو وزن، قال أبو منصور: والتمر أصله الكيل فلا يجوز أن يباع منه رطل برطل ولا وزن بوزن، لأنه إذا رد بعد الوزن إلى الكيل تفاضل، إنما يباع كيلا بكيل سواء بسواء، وكذلك ما كان أصله موزونا فإنه لا يجوز أن يباع منه كيل بكيل، لأنه إذا رد إلى الوزن لم يؤمن فيه التفاضل، قال: وإنما احتيج إلى هذا الحديث لهذا المعنى، ولا يتهافت الناس في الربا الذي نهى الله عز وجل عنه، وكل ما كان في عهد النبي، صلى الله عليه وسلم، بمكة والمدينة مكيلا فلا يباع إلا بالكيل، وكل ما كان بها موزونا فلا يباع إلا بالوزن لئلا يدخله الربا بالتفاضل، وهذا في كل نوع تتعلق به أحكام الشرع من حقوق الله تعالى دون ما يتعامل به الناس في بياعاتهم، فأما المكيال فهو الصاع الذي يتعلق به وجوب الزكاة والكفارات والنفقات وغير ذلك، وهو مقدر بكيل أهل المدينة دون غيرها من البلدان لهذا الحديث، وهو مفعال من الكيل، والميم فيه للآلة، وأما الوزن فيريد به الذهب والفضة خاصة لأن حق الزكاة يتعلق بهما، ودرهم أهل مكة ستة دوانيق، ودراهم الإسلام المعدلة كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل، وكان أهل المدينة يتعاملون بالدراهم عند مقدم سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بالعدد فأرشدهم إلى وزن مكة، وأما الدنانير فكانت تحمل إلى العرب من الروم إلى أن ضرب عبد الملك بن مروان الدينار في أيامه، وأما الأرطال والأمناء فللناس فيها عادات