لسان العرب - ابن منظور - ج ١١ - الصفحة ٤٣١
جميع الرياسة والنبل ونحو ذلك، فوصف بالجنس أجمع تمكينا لهذا الموضع وتوكيدا، وجعل الإفراد والتذكير أمارة للمصدر المذكور، وكذلك القول في خصم ونحوه مما وصف به من المصادر، قال: فإن قلت فإن لفظ المصدر قد جاء مؤنثا نحو الزيادة والعيادة والضؤولة والجهومة والمحمية والموجدة والطلاقة والسباطة ونحو ذلك، فإذا كان نفس المصدر قد جاء مؤنثا فما هو في معناه ومحمول بالتأويل عليه أحجى بتأنيثه، قيل: الأصل لقوته أحمل لهذا المعنى من الفرع لضعفه، وذلك أن الزيادة والعيادة والجهومة والطلاقة ونحو ذلك مصادر غير مشكوك فيها، فلحاق التاء لها لا يخرجها عما ثبت في النفس من مصدريتها، وليس كذلك الصفة لأنها ليست في الحقيقة مصدرا، وإنما هي متأولة عليه ومردودة بالصنعة إليه، ولو قيل رجل عدل وامرأة عدلة وقد جرت صفة كما ترى لم يؤمن أن يظن بها أنها صفة حقيقية كصعبة من صعب، وندبة من ندب، وفخمة من فخم، فلم يكن فيها من قوة الدلالة على المصدرية ما في نفس المصدر نحو الجهومة والشهومة والخلاقة، فالأصول لقوتها يتصرف فيها والفروع لضعفها يتوقف بها، ويقتصر على بعض ما تسوغه القوة لأصولها، فإن قيل: فقد قالوا رجل عدل وامرأة عدلة وفرس طوعة القياد، وقول أمية:
والحية الحتفة الرقشاء أخرجها، من بيتها، آمنات الله والكلم قيل: هذا قد خرج على صورة الصفة لأنهم لم يؤثروا أن يبعدوا كل البعد عن أصل الوصف الذي بابه أن يقع الفرق فيه بين مذكره ومؤنثه، فجرى هذا في حفظ الأصول والتلفت إليها للمباقاة لها والتنبيه عليها مجرى إخراج بعض المعتل على أصله، نحو استحوذ وضننوا، ومجرى إعمال صغته وعدته، وإن كان قد نقل إلى فعلت لما كان أصله فعلت، وعلى ذلك أنث بعضهم فقال خصمة وضيفة، وجمع فقال:
يا عين، هلا بكيت أربد، إذ قمنا، وقام الخصوم في كبد؟
وعليه قول الآخر:
إذا نزل الأضياف، كان عذورا، على الحي، حتى تستقل مراجله والعدالة والعدولة والمعدلة والمعدلة، كله: العدل. وتعديل الشهود: أن تقول إنهم عدول. وعدل الحكم: أقامه. وعدل الرجل: زكاه. والعدلة والعدلة: المزكون، الأخيرة عن ابن الأعرابي. قال القرملي: سألت عن فلان العدلة أي الذين يعدلونه. وقال أبو زيد: يقال رجل عدلة وقوم عدلة أيضا، وهم الذين يزكون الشهود وهم عدول، وقد عدل الرجل، بالضم، عدالة. وقوله تعالى: وأشهدوا ذوي عدل منكم، قال سعيد بن المسيب: ذوي عقل، وقال إبراهيم: العدل الذي لم تظهر منه ريبة. وكتب عبد الملك إلى سعيد بن جبير يسأله عن العدل فأجابه: إن العدل على أربعة أنحاء: العدل في الحكم، قال الله تعالى: وإن حكمت (* قوله قال الله تعالى وان حكمت إلخ هكذا في الأصل ومثله في التهذيب والتلاوة بالقسط) فاحكم بينهم بالعدل. والعدل في القول، قال الله تعالى: وإذا قلتم فاعدلوا: والعدل: الفدية، قال الله عز وجل: لا يقبل منها عدل. والعدل في الإشراك، قال الله عز
(٤٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 426 427 428 429 430 431 432 433 434 435 436 ... » »»
الفهرست