لسان العرب - ابن منظور - ج ٦ - الصفحة ٦٨
ربعا نحو طريق أهلهم، فقالوا له: لو رعيناها خمسا، فزادوا يوما قبل أهلهم، فقالوا: لو رعيناها سدسا، ففطن الشيخ لما يريدون، فقال: ما أنتم إلا ضرب أخماس لأسداس، ما همتكم رعيها إنما همتكم أهلكم، وأنشأ يقول:
وذلك ضرب أخماس، أراه، لأسداس، عسى أن لا تكونا وأخذ الكميت هذا البيت لأنه مثل فقال:
وذلك ضرب أخماس، أريدت، لأسداس، عسى أن لا تكونا قال ابن السكيت في هذا البيت: قال أبو عمرو هذا كقولك شش بنج، وهو أن تظهر خمسة تريد ستة. أبو عبيدة: قالوا ضرب أخماس لأسداس، يقال للذي يقدم الأمر يريد به غيره فيأتيه من أوله فيعمل رويدا رويدا. الجوهري: قولهم فلان يضرب أخماسا لأسداس أي يسعى في المكر والخديعة، وأصله من أظماء الإبل، ثم ضرب مثلا للذي يراوغ صاحبه ويريه أنه يطيعه، وأنشد ابن الأعرابي لرجل من طئ:
الله يعلم لولا أنني فرق من الأمير، لعاتبت ابن نبراس في موعد قاله لي ثم أخلفه، غدا ضرب أخماس لأسداس حتى إذا نحن ألجأنا مواعده إلى الطبيعة، في رفق وإيناس أجلت مخيلته عن لا، فقلت له:
لو ما بدأت بها ما كان من باس وليس يرجع في لا، بعدما سلفت منه نعم طائعا، حر من الناس وقال خريم بن فاتك الأسدي:
لو كان للقوم رأي يرشدون به، أهل العراق رموكم بابن عباس لله در أبيه أيما رجل، ما مثله في فصال القول في الناس لكن رموكم بشيخ من ذوي يمن، لم يدر ما ضرب أخماس لأسداس يعني أنهم أخطأوا الرأي في تحكيم أبي موسى دون ابن عباس. وما أحسن ما قاله ابن عباس، وقد سأله عتبة بن أبي سفيان بن حرب فقال: ما منع عليا أن يبعث مكان أبي موسى؟ فقال: منعه والله من ذلك حاجز القدر ومحنة الابتلاء وقصر المدة، والله لو بعثني مكانه لاعترضت في مدارج أنفاس معاوية ناقضا لما أبرم، ومبرما لما نقض، ولكن مضى قدر وبقي أسف والآخرة خير لأمير المؤمنين، فاستحسن عتبة بن أبي سفيان كلامه، وكان عتبة هذا من أفصح الناس، وله خطبة بليغة في ندب الناس إلى الطاعة خطبها بمصر فقال: يا أهل مصر، قد كنتم تعذرون ببعض المنع منكم لبعض الجور عليكم، وقد وليكم من يقول بفعل ويفعل بقول، فإن دررتم له مراكم بيده، وإن استعصيتم عليه مراكم بسيفه، ورجا في الآخر من الأجر ما أمل في الأول من الزجر، إن البيعة متابعة، فلنا عليكم الطاعة فيما أحببنا، ولكم علينا العدل فيما ولينا، فأينا غدر فلا ذمة له عند صاحبه، والله ما نطقت به ألسنتنا حتى عقدت عليه قلوبنا، ولا طلبناها منكم حتى بذلناها لكم ناجزا بناجز فقالوا: سمعا سمعا فأجابهم: عدلا عدلا. وقد خمست الإبل وأخمس صاحبها: وردت إبله خمسا، ويقال
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة