من الله، عز وجل، القرب بالذكر والعمل الصالح، لا قرب الذات والمكان، لأن ذلك من صفات الأجسام، والله يتعالى عن ذلك ويتقدس. والمراد بقرب الله تعالى من العبد، قرب نعمه وألطافه منه، وبره وإحسانه إليه، وترادف مننه عنده، وفيض مواهبه عليه.
وقراب الشئ وقرابه وقرابته: ما قارب قدره. وفي الحديث: إن لقيتني بقراب الأرض خطيئة أي بما يقارب ملأها، وهو مصدر قارب يقارب.
والقراب: مقاربة الأمر، قال عويف القوافي يصف نوقا:
هو ابن منضجات، كن قدما * يزدن على العديد قراب شهر وهذا البيت أورده الجوهري: يردن على الغدير قراب شهر. قال ابن بري:
صواب إنشاده يزدن على العديد، من معنى الزيادة على العدة، لا من معنى الورد على الغدير. والمنضجة: التي تأخرت ولادتها عن حين الولادة شهرا، وهو أقوى للولد.
قال: والقراب أيضا إذا قارب أن يمتلئ الدلو، وقال العنبر بن تميم، وكان مجاورا في بهراء:
قد رابني من دلوي اضطرابها، والنأي من بهراء واغترابها، إلا تجي ملأى يجي قرابها ذكر أنه لما تزوج عمرو بن تميم أم خارجة، نقلها إلى بلده، وزعم الرواة أنها جاءت بالعنبر معها صغيرا فأولدها عمرو بن تميم أسيدا، والهجيم، والقليب، فخرجوا ذات يوم يستقون، فقل عليهم الماء، فأنزلوا مائحا من تميم، فجعل المائح يملأ دلو الهجيم وأسيد والقليب، فإذا وردت دلو العنبر تركها تضطرب، فقال العنبر هذه الأبيات.
وقال الليث: القراب والقراب مقاربة الشئ. تقول: معه ألف درهم أو قرابه ، ومعه مل ء قدح ماء أو قرابه. وتقول: أتيته قراب العشي، وقراب الليل.
وإناء قربان: قارب الامتلاء، وجمجمة قربى: كذلك. وقد أقربه، وفيه قربه وقرابه. قال سيبويه: الفعل من قربان قارب.
قال: ولم يقولوا قرب استغناء بذلك. وأقربت القدح، من قولهم: قدح قربان إذا قارب أن يمتلئ، وقدحان قربانان والجمع قراب، مثل عجلان وعجال، تقول:
هذا قدح قربان ماء، وهو الذي قد قارب الامتلاء.
ويقال: لو أن لي قراب هذا ذهبا أي ما يقارب ملأه.
والقربان، بالضم: ما قرب إلى الله، عز وجل. وتقربت به، تقول منه: قربت لله قربانا. وتقرب إلى الله بشئ أي طلب به القربة عنده تعالى.
والقربان: جليس الملك وخاصته، لقربه منه، وهو واحد القرابين، تقول: فلان من قربان الأمير، ومن بعدانه. وقرابين الملك: وزراؤه، وجلساؤه، وخاصته. وفي التنزيل العزيز: واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا. وقال في موضع آخر: إن الله عهد إلينا أن لا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار. وكان الرجل إذا قرب قربانا، سجد لله، فتنزل النار فتأكل قربانه، فذلك علامة قبول القربان، وهي